زايد جرو - أصيلة / جديد أنفو

عندما درس ابن خلدون الحضارة تبين له بأن قفزتها تحققت بالفكر واليد، فالفكر هو الحقل النظري، واليد هي أداة بناء الحضارة ... فاليد تبارك وتلعن، وتصافح، وتربت وتداعب وتضرب ..... وحين يتأمل كل زائر معرض اللوحات الفنية بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية بأصيلة أو المعروضة في مداخل أبواب المدينة العتيقة يندهش لما صنعته ريشة الفنانين التي حولت المكان إلى فضاء إبداعي متميز.

كل الكلام السابق حول الفن جميل، فلا خلاف في وظائفه النفسية والفنية والجمالية، ولا تمييز بين الفنانين من خلال رؤيتهم للعالم إلا بعيار الجودة في اللون والخط والطرح والتنوع في المادة الخام، غير أن الذي لا يروق الفنان المغربي والزائر المتجول هو الميز بين أصحاب الريشة، وأماكن عرضهم لإبداعاتهم، فبداخل مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، تصادف لوحات فنية بحرينية معلقة بطريقة احترافية، وبجانب كل لوحة، لوحة تبين اهتمام وانشغال الفنان تحت أضواء باهتة وبرائحة عطور عالية الجودة في الشم، حيث تستهلكها الأنوف بسرعة عالية، ليعود صاحب المبخرة المتخصص في حملها من جديد ليطوف الممرات ببخور خليجية ولا "رائحة للشب والفاسوخ والحرمل طبعا ".

ولا لوحة مغربية  داخل  المعرض معلقة  على الإطلاق منذ افتتاح المعرض .

ومن خلال مدخل باب  البحر تجد فنانيْن مغربيْين:  واحدة تم الحديث معها سابقا واسمها كريمة من ذوي الاحتياجات الخاصة، والثاني اسمه توفيق وهو قليل السمع ،قردت بجانبه واقتحمت عالمه حتى  اطمأن لحالي ووافق على زيارة جريدة جديد انفو لبيته ،دخلت البيت البسيط الذي يقتسمه  الفنان والجيران ،صعدت الدرج فوجدت اللوحات  بعضها قد اكتمل والبعض الآخر ما زال ينتظر ...هي لوحات يتماسك فيها  الرمز باللون في عالم فيه بسمات الحياة  وتحاكي جوانب اجتماعية ونفسية عبقة بروح الأصالة ، ورقة  نسيم البحر، فيها الحركة والنبض والكيان، تسافر فيها الرؤى على قماش الرسم عبر الأحقاب ، وفي حواري معه ظهر التذمر على محياه من وضع الفنان داخل مدينة أصيلة، حيث التهميش والهشاشة ،والبيت المسقف بالقصدير كما يبدو من خلال الفيديو خير معبر عن الفوارق الاجتماعية بين فنانين من دولة البحرين الشقيقة لهم حظ في العرض والحديث ،وبين فنانين مغاربة لهم حظ كبير من النسيان، مما يستوجب النظر في ثقافة مهرجان أصيلة الدولي من حيث اختيار الفنانين ،ومكان العرض وفرص الظهور، قد يشرفنا كثيرا أن نعتز باستضافة دولة شقيقة ويشرفنا ألا نبخس  قيمة ثروتنا المعنوية واللامادية من   خلال لوحات فنانين مغاربة  مقهورين و الذي لم تمنح لهم فرصة الظهور فأحيي جميع الفنانين الذين اقتسمن معهم الود طيلة مدة تواجدي بالمدينة وتحية عالية للفنانة كريمة والفنان توفيق والفنان العياشي من مدينة طنجة.

وإليكم حجم معاناة الفنان توفيق  عبر الفيديو التالي: