زايد جرو – تنغير / جديد انفو

 أبانت التساقطات المطرية الحالية حجم الضرر الذي لحق الجنوب الشرقي، في بنيته التحتية التي عانت الهشاشة منذ الاستعمار، واستمرت في عهد الاستقلال، رغم تعاقب الحكومات بشتى توجهاتها السياسية ومشاريعها المعطوبة والتي لم تستطع أن تفك الحصار التاريخي المضروب على النصف الأكبر من المغرب الحداثي الذي يضاهي فرنسا وأمريكا في ترسنته القانونية والحقوقية .

لقد عرّت الأمطار عن واقع الحال الذي لا يحتاج لمساحيق التلميع، فانقطعت حبال المودة مع العالم الغيري بين  القصور والقصبات، ولم تنفع غير الحبال التي تجر الناس من وسط الأودية والأوحال، وأصبحت الساكنة فرجة لعشاق التقاط الصور، وأمست كل الطرق وكل المسالك وكل الوهاد والسهول تنطق ماء، ليضيع معظم السيل في الرمال، لافتقار المهتمين  لرؤية  سياسية بيئية تنموية جدية تخطط للسدود التلية التي بإمكانها تقوية الفرشة المائية للتخفيف من أثر الجفاف لسنوات، فقد تم التفكير حقا وبجد في الطرق السيارة التي تحصد الأرواح يوما بعد يوم، وتم نسيان الطرق السيارة للأودية التي تجر الأخضر واليابس بالجملة في ظرف  وجيز.

الجنوب الشرقي غني بمناجمه الفضية والنحاسية والحديدية وشيء من الذهب الأصفر، وللأسف معادنه  تسيل سيولتها في أرصدة شركات عملاقة خارج الإقليم، وحدود الاستفادة منها قليل وعسير، والصور والفيديوهات  التي نقلتها المواقع والمحطات الوطنية والأجنبية خير معبر عن الوضع : لا مستشفيات تنقذ المرضى، وتنعشهم ساعة الشدة، ولا طرق معبدة يسهل عبرها التنقل، ولا قناطر توصلك بر الأمان. ولا نقل مريح تنسى به الحال والأحوال ولو لدقائق ... الضيق في الضيق .. والحكرة تزاحمك وتعيش بين ضلوعك في لسعات البرد ولدغات الحر.... لكن رحمة الله أوسع في البسط والقبض وهي أرحب  من ضيق يد العبد وغلظة القلب.