زايد جرو + سعيد وعشى -  قلعة امكونة / جديد انفو

الفرقة الفلكلورية بزاكورة وصيحات الشيوخ فيها ورقصة المرأة "الدلوع "بحركاتها، لم تعرف الحدود الجغرافية ولا التاريخية... انطلقت من درى او درعة من خلف الجبال والوديان بالجنوب الشرقي  لتعكس الموروث الثقافي للواحات  بقرع وضرب الطبول بشكل قوي حتى يخترق الصوت  الفضاء، ويصل لأمكنة بعيدة ليحج الناس للغناء الجماعي المختلط بإيقاعات أمازيغية  مختلفة، حين تجود النخلة وتمتلئ السنابل، وتدر الأبقار، ويعم النعيم، فتقام الأعراس والرقصات احتفاء بالأهل والنزلاء  وبالزمن السمين، فينسى الناس حدود القلب فرحا ولو لحظات.

الفرقة جابت العالم وشرفت وجه المغرب، وهي على الدوام حاضرة في كل المحافل الوطنية والدولية، وفي كل المناسبات، لا تؤخر طلبا ، ولا تكسر خاطرا، الجمهور ينتظر  طلتها، ويتشوق رؤية حركة المرأة المتبخترة في مشيتها وحركة رفع  ثيابها قليلا ليظهر الكعب بين رَجلين قويين يرقصان طمعا في نيل ودها باللباس التقليدي الأصيل والحركة الخفيفة والصوت الرقيق القوي العذب، وكل واحد يحاول أن تكون له  إعجابا بالرقص وبالصوت، فتنقلب نحو الآخر حين لا تجد الرضا ليبتكر الآخر طريقة أخرى في الاستمالة حتى لا تنفلت المتعة منه، ويبقى الطبل  مملوء الأوداج بالصوت القوي غير جوعان ولا عطشان شاهدا على قمة وروعة  الحياء في الغزل العذري بالواحات حتى النهاية.

الفرقة تتنقل  بوسائل  نقل تقليدية من مكان لآخر وأحيانا تنال التعويض وأحيانا تحرم منها، ويلجم لسانها  الحياء لأن أبناء الواحات تعودوا على  حكمة سلامة اللسان، والقناعة بالبسيط  حفاظا على ماء الوجه، لكن المستمتعين بالرقصات الفلكلورية  لا يعلمون  الخبايا المستورة التي قلما نبش فيها الباحثون، و معظم الناس تكتفي بأخذ الصور التذكارية  مع الفرقة أو شراء  أقراص لها للاستماع بنغماتها داخل السيارات او بالبيوت  استحضارا للمكان والناس  دون السؤال ودون الرغبة في القرب أكثر من الفرقة .

وخلال الدورة الأخيرة لمهرجان الورود رصدت كاميرا جديد انفو مشاركة الفرقة في ايام المهرجان وانجزت الفيديو التالي :

وراء صيحات الفرقة خزي وتذمر، ومعاناة مستمرة، فقد تعرضت يوم 18 اكتوبر 2013 لحادثة سير خطيرة بالجماعة القروية "تبونت" بإقليم ورزازات فقدت على إثرها عضوين من الفرقة، وما زالت امرأة من الفرقة تعاني من ألم مبرح بالعمود الفقري لحد الساعة، وواحد من رجالاتها مازال طريح الفراش يأخذ مما تيسر  من العذاب  نصيبا ومن  نتف أتعاب الفرقة الهزيل حظا، وكل المسؤولين لا يذكرون ولا يتذكرون الفرقة الا حين وقت الرقص  لأداء الخدمة، وعندما تنتهي المصلحة تنهي الخدمة حتى مصلحة اخرى..

وزارة الثقافة التي ينبغي أن تراعي ظروفهم منشغلة بالفنانين الذين هم في دائرة الرباط والنواحي، والذين هم بشكل يومي في المقاهي الرفيعة والفنادق المصنفة، ونقابة الفنانين تهتم بفنانين من صنف آخر ولا تدري بأن الفنانين وراء الظل هم من ساهموا في تخليد التراث المادي  واللامادي للجنوب الشرقي عموما، وساكنة الجنوب الشرقي تتحدى هؤلاء الفنانين ونقابتهم ووزارة ثقافتهم في استطاعتهم  جميعا ان يسكنوا هذه المناطق او المكوث في حرها للحظات او  أن يتحملوا مرارة لسع العقارب  ومرور كل أشكال الحشرات على الأجساد بالليل والنهار.

عيب وخزي ان ينخطف قلب الفرقة فرحا انتظارا لتعويض  هزيل، او اهتمام بخس قد يجود به جواد أو ضنين فيكتسحهم الشعور بالإحباط  بعد انتهاء المهام،  وتستمر في الخدمة وتصنع الابتسامة بألم وصبر، لأن الحفاظ على التراث الوطني مسؤولية جماعية، والتخلص منه هو كالتخلص من الابن او الصديق وذاك ضرب من المستحيل.

الفرقة فقدت عنصرين وأخر طريح الفراش، ففقدت زهوتها واقتات من ألم الفراق شهورا، وأوراقها في الذبول سائرة  وإلى السقوط قريبة لكبر سنها...الفرقة رقصت وما تزال ترقص أحيانا طربا  وفرحا، كأنها اغترفت من الحياة جرعة أمل وحياة،  واحايين اخرى ترقص مذبوحة من شدة الألم بأجنحة منكسرة تصعب معها معاودة النظرة للحياة بحيوية  جديدة.

جديد انفو التقت الفرقة بمهرجان الورود وساءلتها من خلف الأضواء وخلف الجمهور تحت خيمة اشتعلت لهبا بحر ذاك اليوم وكان الأجوبة صادمة وإليكم الحوار :