زايد جرو + سعيد وعشى - كولميمة / جديد انفو

تألقت جمعية أفريكا للتنمية وحقوق الإنسان بشراكة مع المجلس العلمي المحلي بالرشيدية في تنظيم لقاء فكري حقوقي ديني، يوم الثلاثاء 21 يوليوز الجاري 2015 ابتداء من الساعة السادسة والنصف مساء بقاعة المحاضرات ببلدية كولميمة، اللقاء جمع نخبة من المثقفين وحضورا نوعيا أغنى اللقاء بمداخلاته القيمة وسجالاته الفكرية المعرفية العالية التي بيت الاختلاف في المرجعيات والتباين في اللغة والتنوع في طرح الإشكالات .

في بداية اللقاء رحب رئيس جمعية أفريكا للتنمية وحقوق الإنسان فرع كولميمة الأستاذ : سعيد العنزي بالحضور، مُثمنا تتبع المغاربة لكل التحركات الحقوقية التي أولتها الجمعية اهتماما بالغا على الساحة الوطنية والذي أفرز طرح موضوع " : ترشيد التدين عبر تعميق مفهوم التسامح واحترام الآخر" للنقاش بين رؤى يحكمها الاختلاف في التوجه والمعالجة والأدلة الاستشهادية بلغة فيها الإمتاع حينا والإقناع أحايين أخرى وبين جمهور يتابع عن كثب و بتدقيق بالغ كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة .

المداخلة الأولى من رئيس المجلس العلمي المحلي بالراشيدية، وكانت هادئة ورسمية في توجهاتها الإرشادية، بناء على مرجعية دينية وبأدلة من القرآن الكريم ومن الأحاديث النبوية الشريفة ومن السيرة، بالحديث بدءا عن الظرف الزمني الذي أنتج خطاب التسامح وهو ظرف معقد تعيشه الإنسانية، وترتكب فيها الجرائم والفضائح باسم الدين  ويستوجب التوقف عند موقف الإسلام من هذه السلوكيات، والوضع يتطلب  أيضا التوقف عند مجموعة من النقط لجعل صورة التسامح واضحة منها : نبذ العنف، ومفهوم السماحة وصورها، والدين قائم على اليسر، ومنهج الإسلام في التعامل مع غير المسلمين، وشهادة التاريخ، والفضل ما شهدت به الأعداء .

وفصّل رئيس المجلس العلمي المحلي كل النقط بالدليل من التاريخ، مقارنا بين لا سماحة الآخر بالأندلس بعد سقوطها، حيث تمت إبادة المسلمين وتم ذبحهم كما تذبح النعاج، والأطفال يُختطفون ويُرمى بهم من فوق الأسوار بخلاف سماحة المسلمين كانت رحيمة وأرحم على الصليبيين حين دخول صلاح الدين الأيوبي القدس الشريف حيث لم يُذبح ولم يعذب ولم ينهب أحد، والفضل ماشهدت به الأعداء في سماحة الإسلام، وختم المداخلة بقيمة الدين العظيم الذي خلّص القيم من الباطل، والواجب علينا أن نحمد الله على هذه النعمة.

المداخلة الثانية للأستاذ عزيز بعزي متخصص في الفكر الإسلامي وناشط حقوقي وكانت سردية وطويلة جدا عوم فيها مصطلح التسامح، فأشار إلى ضرورة ترسيخ ثقافة التسامح في الخطاب الديني داخل النسق الفكري العربي المعاصر، وإلى إشكالات الخطاب الديني الشفهي والمكتوب، وأن الخطاب الديني يناقش الأمور الفكرية والاجتماعية والسياسية المتعلقة بالمجتمع وعرج على الجماعات الإرهابية التي تبحث عن ملاذ الأمن بصيغة العنف باسم الدين وشروط التسامح وغير ذلك من النقط.

المداخلة الثالثة والتي كانت مستفزة للكثير بطرحها الفكري المختلف غير الهادئ هي للأستاذ الحقوقي والجمعوي موحى باجو ،الذي اعتمد مرجعية عقلية و فكرية وأدبية استقاها من الفكر الحر لأركون والنسق الفكري الهندي والفارسي واليوناني ورؤية أبي حيان التوحيدي وابن مسكويه، بالوقوف عند مصطلح الأنسنة في التعبير العربي ومفهوم التسامح عند الغرب والفرق بين الإرشاد والترشيد متسائلا : هل هناك حقا رشد في الدين والتدين والسلوك وما علاقة الترشيد بالعقل ؟ مبرزا أن الفكر الإسلامي تطور في مبدإ الاعتقاد على شكل واحد للعقل مصدره هو الله ومصدره القرآن، وأن الإسلام دخل في علاقات مع المجموعات البشرية منذ القديم، وربط التسامح بالأنسنة مستندا ومستدلا في طرحه دائما على رؤية ابن مسكويه في طبيعة الإنسان العضوية والسيكولوجية وعلاقته بالعالم.

الأستاذ توقف أيضا عند الانفتاح على حضارة الآخر لا ستنباط العقل المؤسس للفكر الإسلامي، دون التقيد بإغلاق النص كما فهمه الفقهاء في إطاره اللغوي، لأن الفقهاء حسب مداخلة الأستاذ نسجوا خطابا وفهما مرحليا للنص القرآني في الوقت الذي يتطلب فيه هذا الخطاب قراءة مفتوحة تجمع جميع العلوم. وختم تدخله بكون الأنسنة تحاول إنتاج ميثاق عقلي ثقافي لكي يستطيع المرء أن يعيش في مجتمع متعدد ديموقراطي ، وفي مجتمع مؤمن يحترم مواطنيه غير المؤمنين فخلص إلى أن ما نريده هو أن نكون أصدقاء الله، وليس عبيد الله، حتى يمكن أن نتحرر من قيود الفكر الديني لأن الأصل هو الحرية .

بعد انتهاء العروض فتح المسير لحسن بوعرفة لائحة التدخلات وكان عدد المسجلين كبيرا وكان النقاش ساخنا جمع كل الأطياف والتوجهات اليمينية واليسارية والدينية بالعربية والأمازيغية، ولأول مرة حقيقة منذ مدة لم أحضر لقاء فكريا قويا في الاختلاف مثل هذا اللقاء بين العارضين أنفسهم وبين المتلقين أنفسهم وبين العارضين والمتلقين، كما أثنى المسير على جديد انفو التي حضرت وحيدة لتغطية النشاط معاتبا القنوات الوطنية والجرائد الالكترونية الأخرى الني لم تستجب للدعوة كما تم الاستماع لقصيدتين شعريتين الأولى لشاعر باسو اعماليك والثانية لعمر الطاوس.

كاميرا جديد انفو حضرت هذ الندوة وانجزت الربورطاج التالي :

 * بالفيديو مقتطفات من تدخلات الحاضرين في الندوة :