لا يملك الفرد وهو يتابع المشاهد المسربة عن تخليد أحرار منطقة القبائل للذكرى الرابعة والثلاثين للربيع الأمازيغي إلا أن يستنكر ويشجب وبأقوى العبارات ذلك العنف في أبشع تجلياته، والذي جوبه به شباب أخذهم عنفوان الشباب الذي امتزج بصحوة ووعي هوياتيين الى مواجهات دامية مع قوات لا تتقن  غير القمع والتنكيل بأناس خرجوا في مسيرات سلمية في ذكرى لها في قلوبهم مكانة مميزة.

لقد عبر النظام الجزائري مرة أخرى عن حقده الدفين لأمازيغ الجزائر، وهنا يمكن للفرد أن يفهم ويفسر الصمت المريب والتجاهل الغريب للنظام لأحداث غرداية كحلقة أولى، بل انه وحسب دلائل بالصوت والصورة، يتأكد تكالب وتواطؤ قوات القمع النظامية مع مجرمين وعصابات لزرع الفتنة وترويع السكان وتخريب ممتلكاتهم، هجومات واعتداءات لم تخف وطأتها الا بعد الانتخابات الرئاسية وانتزاع الرئيس وحاشيته وعدا من المغلوبين على أمرهم هناك بالتصويت عليه مقابل وقف همجية الهمج.

الحلقة الثانية، جاءت من منطقة الأوراس، حيث نبح  عبد المالك سلال بعبارته الساخرة من قلب الشاوية، موظفا كلمات جارحة ومهينة تضاهي تلك المستعملة في الفترة الاستعمارية حول ساكنة منطقة لطالما ضحت بالشهداء من أجل تحرير أرض الجزائر، ليأتي في الأخير راعي القبلية ومن يعتبر نفسه ذلك المسؤول السياسي السامي فيعامل أحرار الأوراس بشكل مستفز وقاس.

في الحلقة الثالثة، كشر نظام اليأس عن أنيابه كاملة وانتقم بعدما رفض أمازيغ القبائل المشاركة في مهزلة سخر منها العالم أجمع، واغتنم النظام الغاشم فرصة ذكرى مجيدة وعزيزة على قلوب كل أحرار تامازغا، لينقض على شباب ذنبهم الوحيد رفضهم للوصاية وتوقهم إلى الحرية وافتخارهم بخصوصيتهم، مناسبة الربيع الأمازيغي التي يستحضر فيها الأمازيغ ملاحم رسمها أبناء وأحفاد أبطال تحرير الجزائر، ملاحم سيكتبها التاريخ بماء الذهب وستظل مفخرة كل الأمازيغ عبر شمال إفريقيا، كيف لا وقد أسيلت فيها دماء طاهرة لنصرة أبناء الوطن البررة.

يتوقف القلب عن النبض وتدمع العين وهي تشاهد شابا يسحل في الشارع العام في زمن حقوق الإنسان والمواثيق الدولية، شاب لم يشفع له اغماؤه من تلقي الركل والرفس من قوات تجتمع فيها كل العقد النفسية، قوات تتعمد الإذلال ولا تكف عن العنف اللفظي الذي تظل العنصرية عنوانه العريض.

أتساءل هل بوسع هؤلاء الشباب وذويهم نسيان ما يلحقهم من جانب هذه الوحوش ومن يأمرونهم؟؟ أليست الأوضاع في مزاب وتصريحات سلال ثم أحداث القبائل أوجها لعملة  رديئة واحدة اسمها النيل من الأمازيغ؟؟ ألن تكون الحلقة المقبلة من عنجهية النظام الجزائري بالصحراء الكبرى موطن الطوارق؟؟ ثم أليس حريا بأمازيغ الجزائر رص الصفوف ولم الشمل وتوحيد الصوت الأمازيغي حتى يكون في مستوى التحديات التي يفرضها واقع النظام المعاق؟؟

في الأخير، الأغرب من كل هذا وذاك، سكوت المجتمع الدولي وخاصة فرنسا العدو التاريخي للأمازيغ عن كل المجازر التي تعود بنا الى قرون خلت خاصة أنها وغيرها تدخلوا هنا وهناك باسم حماية حقوق الإنسان. إننا كأمازيغ مدعوون الى جانب كل شرفاء العالم الى مساندة أمازيغ وشعب الجزائر الذي يُقتل ويُسجن ويُعذب كل يوم، بأيدي نظام الجنرالات الفاسدين ممن لم ينل الشعب منهم غيرالقمع والديكتاتورية، والذين يصرون على أن  يجثموا على صدور حفدة المليون ونصف المليون شهيد.