… كانت الساعة تقترب من السادسة مساء، وكان “سي الصمودي” يُمعن في ما أقول (حسب اعتقادي)، يحرك رأسه بشكل متكرر إلى أعلى ثم إلى الأسفل مع كل ثلاث أو أربع جُمل، وكنت أحاول ترتيب مجموعة من الأفكار واسترجاع بعض المعلومات المتعلقة بالإقليم.

تذكرت حالات إنسانية، أشخاصا بعينهم، وتذكرت الخدمات المتردية لبعض المؤسسات، وقررت أن أطلق عنان اللسان و وابوح بكل مايراودني ويعشش في رأسي دون تردد، “أشنو كاااااع غادي يطرا بالسلامة؟ ياك أنا غير كنعبر؟”

- السيد العامل، بما أنكم طلبتم مني الحديث بدون تردد وكأنني أحدث أحد الأصدقاء أو الأقارب، فـ “سمْح ليا نكون مْعاكم عَفوي وصريح”، كنت أتمنى من كل قلبي أن أسمع يوما أن عامل زاكورة قام بزيارة مفاجئة إلى مستشفى أو مركز صحي ليطّلع على الوضع ويراقب “بعيدا عن البروتكول…” ويُدخل الفرحة على المرضى، كُنت أتمنى أن أسمع بزيارة مفاجئة للعامل إلى مدرسة بمنطقة نائية كـ “تمجوط، تافراوت، زاوية الحنا، تازارين، أفرا، بْندلالة أو غيرها بالإقليم”. خصوصا أن عامل عمالة الإقليم لا يبحث عن أصوات انتخابية و “مَا عندوش مشكل ديال: هذا داير حملة انتخابية”.

كنت أنتظر أن يتكلم الناس وعلامة الرضى على وجوههم فيقولوا: “العامل جا بْوحدو ف الكاطكاط ودْخل للمدرسة…”، أو يقول أحدهم: “كنت ف السبيطار حتى دْخل علينا العامل، جاء بالبذلة الرياضية مع 10 د الليل، كايضور وكايزور الناس…”.

وأنا متأكد أن الناس سيشعرون كم أن ممثل الملك بالإقليم يخاف عليهم وعلى مصالحهم ويهتم بهم، وعندها سيُعزونه كثيرا، لأن الناس في زاكورة طيبون كرماء متواضعون ويعترفون بكل ذرة خير رغم أنني أرى أن ذلك واجبا إنسانيا على الأقل، “سْمْح ليا السيد العامل أنا ماكانعطيش دروس أو أنني نورّيكم خدمتكم”

& العامل الصمودي: لا، غير تفضل، أنا بغيت نسمع ليك، والكلام كلو اللي قلتي على ناس زاكورة ما عندي شك بكل صراحة.

- “الله يجيبنا ف الصواب أ السيد العامل”، أعرف أن هناك ملفات كبيرة على مكتبكم، وهناك قضايا تستحق العناية المركزة، نعم، وأعرف أن بعض المسؤولين سيقولون: “واش العامل مسالي هاذ التخربيق؟”، لكنني متأكد حد القناعة بأن هذه الأفكار على بساطتها، ستُسهل عليكم حل الكثير من المشاكل بالإقليم، وستجعل الناس أكثر إحساسا بصدق نواياكم وجهودكم، وستحقق تواصلا بينكم وبين الكثير من المواطنين، ومن بينهم الساخطين الذين يشعرون أن كل الأبواب بزاكورة مغلقة في وجوههم سوى باب السماء، وهذه الفئة موجودة وأنتم تعرفون ذلك طبعا.

هناك من الناس البسطاء من سيغيّر نظرته للسلطة بهذه الحركة البسيطة، والأهم من ذلك أن هناك من سيُصبح جديا في عمله، لأن هناك بعض الموظفين والأطر دائما، الذين يستهترون بالمواطن وبمصالحه داخل المؤسسات العمومية، وأنا رأيت بأم عيني بعضا منهم وكتبت في مواضيع كهذه من قبل، وثبت ذلك أكثر من مرة…

أنا ابن زاكورة، أكلت من ترابها (ملي كنت صغير) وتمرها وبطيخها الأحمر “اللي مشتت ف كازا”، أقسم أن هناك من سيَبْكي فرحا بزيارة العامل له بمستشفى، فرمزيتها كبيرة جدا، وأنا أعرف كيف تسير الأمور في مستشفى الدراق وغيره، وأزوره بين الفينة والأخرى حتى بدون سبب مرضي أو مِهني إعلامي.

& “أنا كانعرفك، غير كمّل كلامك”.

- “مرحبا، على الراس والعين”. في عدد من الدواوير، هناك أشخاص، حالات إنسانية، أحزن كثيرا عندما أتذكرهم، وأحلم في يوم من الأيام أن تطلق عمالة زاكورة أو جمعية محلية بدعم من العمالة وغيرها، مبادرة لزرع الابتسامة على وجوه هؤلاء، و ” يْلاَ سمحتو ليا أنا عندي اقتراح”… يُتبع

تذكير: “هذا حوار متخيل وغير حقيقي، نسهدف من خلاله تسليط الضوء على ملفات هامة بإقليم زاكورة، وتقديم صورة ونظرة حقيقة “بلا بروتوكول” حولها، ومقترحات حلول لبعض المشاكل بعيدا عن الحسابات أو الأهداف الشخصية. بكل أمانة”.