تناسلت الاخبار وتوالت حول ما سيأتي به التعديل الحكومي المقبل والذي اضطر ابن كيران للجوء اليه بعد اعفاء وزير الشباب والرياضة على اثر فضيحة "الكراطة", وتداولت عدد من المنابر الاعلامية أخبارا تفيد بان التعديل سيتوسع ليطال وزراء من حزب رئيس الحكومة.

لكن، ما هو مؤكد الى حدود الساعة وبالاضافة الى تغيير وزير الشباب والرياضة, هو أنه لا أحد يعلم ما يحمله هذا التعديل من مفاجآت سارة او مستفزة.. فمن يتحدث عن امكانية اعفاء الحبيب شوباني فالأكيد انه سيقوم بربط ذلك بما أثير حوله في موضوع علاقته بالوزيرة سمية بنخلدون.. والبعض الآخر سيذهب باتجاه اعتبار أن امكانية اعفاء عبد العزيز الرباح من الوزارة مرتبط بمسؤوليته السياسية في حادثة طانطان.. ولكن لا أحد منهم تحدث عن ان اعفاء الوزيرين "المرتقب" قد يكون مرتبط بالانتخابات الجهوية.. بحكم شعبيتهما و قوتهما الانتخابية في دوائرهما.. اذا ما انضافت اليها القوة والانضباط التنظيمي للحزب في الجهات التي ينتميان اليها.

فالشوباني على سبيل المثال يمتلك قاعدة انتخابية قوية في اقليم الرشيدية والتي حصل فيها على أزيد من 22 ألف صوت في الانتخابات التشريعية الاخيرة, ليجدد الناخبون ثقتهم به للمرة الثالثة على التوالي كممثل لهم في قبة البرلمان, وهذا ما يجعل الآلاف من المواطنين يحضرون بكثافة الى لقاءاته التواصلية التي ينظمها حزبه في اقليم الرشيدية بشكل منتظم، وهذه الحقيقة لا تعكس ما تذهب اليه العديد من تعليقات الفايسبوكيين الذين يحاولون رسم تصور سلبي لصورة الحبيب شوباني لدى ساكنة اقليم الرشيدية. بالاضافة الى ان حزب العدالة والتنمية باقليم الرشيدية وبجل اقاليم الجهة الجديدة درعة تافيلالت يعرف هيكلة محكمة وتنظيما جيدا وملتزما مما يجعله الحزب الوحيد المهيكلة بشكل ثابت وبحكم مساطر وقوانين داخلية حازمة وبأنشطة تواصلية واشعاعية مكثفة يتم من خلالها تأطير وتكوين واعداد قيادات ومناضلي هذا الحزب ليكون قادرا على رفع تحدي الاستحقاقات المقبلة وعلى رأسها الانتخابات الجهوية.. انتخابات جعلت بقية الاحزاب تراجع اوراقها التي بعثرها اعتمادها لعقود على ترشيح الاعيان وأصحاب الشكارة الذين وبكل تأكيد سيخلقون المزيد من الصعوبة في التوافق على لائحة جهوية ترضي جميع الاعيان الراغبين في خوض غمار التنافس على رئاسة الجهة.

من جهة أخرى, وبعكس كل ما ذكر, فان رئيس الحكومة يصعب عليه التخلي عن الوزير الحبيب شوباني، بحكم التراكم الكبير الذي انجزه في وزارته والعمل الجبار الذي قام به في الحوار الوطني حول ادوار المجتمع المدني, فلا أعتقد بأن بامكانه ان يقوم باعفاءه في هذه اللحظة التي يقوم فيها باعداد قانون الجمعيات الجديد بناء على خلاصات الحوار الوطني وبعد ان نال رضى الملك شخصيا الذي توج هذا المجهود الكبير بتخصيص يوم وطني للاحتفال بالمجتمع المدني..

نفس الشيء بالنسبة للوزير عزيز الرباح الذي تغيرت معه سياسة وزارة التجهيز والنقل، وعرفت العديد من مناطق المغرب العميق مشاريع ضخمة في بنياتها الطرقية في عهده، كما ان ملفات الرخص تسير باتجاه اصلاحها بالشكل الذي يجعل قطاع النقل الطرقي ونقل الركاب يساهم بقوة في تحقيق تنمية مستدامة تنعكس بالايجاب على حياة المواطنين..

واذا ما دققنا جيدا في نوعية مناضلي حزب العدالة والتنمية في الرشيدية والقنيطرة وأقاليم جهتيهما, فسنجد بأن هذا الحزب استفاد بشكل كبير من فرصته في تسيير الشأن المحلي بحيث أنه لا يفتقر اطلاقا الى قيادات من العيار الثقيل وكفاءات في التسيير والتدبير تعوض الحاجة الى شوباني والرباح والتي تؤهله لقيادة الجهات المعنية بكفاءة واقتدار.

بالنسبة لي شخصيا, اعفاء هذين الوزيرين سيعتبر أكبر انتكاسة في تاريخ الحزب, وضربا للصورة التي يتم الترويج لها داخليا وخارجيا بكون المغرب يشكل حالة استثناء فيما عرفه ويعرفه العالم العربي, خصوصا فيما يتعلق بالردة الديموقراطية التي أصابت مصر وتونس وليبيا.. وسيؤكد بالملموس بأن المغرب أصيب كذلك بالعدوى التي ظهرت على شكل أعراض مختلفة عن جيرانه.. وسيتبث أن الدولة العميقة في المغرب هي التي تدبر شؤون البلاد.. وهذا ما لا نتمناه..