زايد جرو / جديد انفو

كثرت المهرجانات على طول وعرض التراب الوطني، بعضها يخلد حدثا، وبعضها يحيي التراث المحلي، وبعضها يرتبط بالمنتجات والمحاصيل الفلاحية، وكل مهرجان له ما يميزه حسب ما  ترصده له  الجهات  من ميزانيات لترويج المنتوج وخلق دينامكية وحركية مخالفة عن المعتاد.

وقد يقف المتتبعون المهتمون بالشأن المحلي موقف الرفض أو القبول  من سياسة المهرجانات، وكل له حججه التبريرية ،ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نبخس ما يتم بذله من جهد في الإخراج والإنجاز، لخلق رواج اقتصادي والترويج لثقافة محلية أو جهوية، لكن ما أثار دهشتي حين حضوري لمهرجان أصيلة الثقافي الدولي، ومقارنة فقراته مع مهرجان الورود بقلعة مكونة  أو التمور بأرفود وغيره من مهرجانات الجنوب،  هي المفارقات الغريبة بينها، فمهرجانات الجنوب هي بالأساس للمجتمع المدني:  سهرات، وفلكلور يتجاوب معها الزائر بكل طواعية  ويستمتع بأدائها، وجمعيات المجتمع المدني حاضرة بامتياز، والتعاونيات تعرض وتبيع وتتواصل، وغير ذلك من الجوانب الإيجابية التي يستحسنها الكثير من الناس إلى جانب بعض التعثرات  طبعا التي لا يسلم منها أي عمل، لكن تبقى الصنعة والفرجة من المجتمع وللمجتمع.

خلاف ما رأيت وعاينت في هذا المهرجان القافي الدولي الضخم الذي كانت فيه دولة البحرين ضيفة الشرف فهو في الحقيقة مهرجان لكوكب آخر، ولمجتمع افتراضي، ولزوار من نوع خاص، فلا يمكن بالقطع أن يحضر الجميع للندوات، ولا يمكن له أن ينعم بالسهرات الخاصة، ولا يمكن للفنان التشكيلي المغربي أن يعرض، ولا يمكن للكِتاب المغربي أن يظهر، أما جمعيات المجتمع المدني فلا أثر لها، ولا حضور شعبي في المهرجان، المغاربة يطلون  باحتشام كبير على الخليجيين الذين نزلوا بثقلهم المادي  والمعنوي  ويتابعون حركاتهم بعيون منكسرة   .

فيجب أن نعترف حقا بأن مهرجانات الجنوب فيها من الخدمة للمجتمع المدني الشيء الكثير، رغم بعض الانتقادات والأقاويل والأخذ والرد، وكنت حقيقة  راض على المستوى الفكري، ولم أحس بفوارق معرفية، وكنت أيضا  غير راض  من حيث  العدة اللوجستيكية، لكن  الإحساس  الكبير الذي لم يفارقني طيلة تواجدي هناك : أن هذا المهرجان هو لفئة خاصة وخاصة جدا، ولم أجد راحة بالي إلا بعد انسحابي من فقراته لأنني ألفت العمل وسط مجمع  ومجتمع فيه البساطة والقناعة والوضوح، وكرهت سماع عبارة مرحبا يا شيخ ومرحبا يا شيخة التي تتردد على المسامع من الخليجيين طيلة أيام المهرجان، و شتان بين مهرجاناتهم ومهرجاناتنا وللناس في ما يعشقون مذاهب.