محسن الأكرمين - مكناس / جديد أنفو

 هذه معادلة بسيطة بين الأحمق والعاقل … فأيهما نريد ونرتضي لأنفسنا ؟ الأحمق الذي يسعى إلى تغيير العالم ليتلاءم مع نفسه ….أم العاقل الذي يستبيح ذاته بالتغيير والتلون بألوان طيف الحرباء بالانبطاح والهرولة الانفتاحية ليتلاءم مع العالم

 العاقل والأحمق هما وجهان لعملة واحدة … فكل منا يعتريه الحمق ثم يمتلكه التعقل … فمعايير التنصيص على العقل والتعقل هي عملية تدجين اجتماعي / انسياقي بتفكير القطيع الجمعي الذي جبلنا عليه منذ البدء الأول بقوة التعايش والتناقل  …

فمتى أكون عاقلا ؟  إنه حكم قيمة الذي نبحث عنه، وهو الأسهل على الإطلاق بالنيل و الاكتساب . فعند الاستنجاد به تتم عملية النقل من حالة اللاعقل  إلى العقل … فأنا حين أفكر مع التيار الجارف وبنفس الآليات والأنساق فإنني أصنف نفسي ضمن خانة صفوة العقلاء ، وأمتلك معرفة وقدرات ومهارات سطرها السلف للخلف بالتواتر والنقل والتناقل …. فلا يرفع القلم علي وأحاسب وفق حالات تموقعي في ” اللاعقل ” التي يمكن أن تمسني بمتقطع المرات …وأصنف خارجيا بالمارق المتشيع….

وحتى لا أخاصم وضعيات اللاعقل ، فمتى أكون أحمقا ؟   لا أريد استعمال مصطلح ” المجنون ” لأنه ينطوي بحمولة المس الجني … وفيه اختلاف الآراء بين الفقهاء حتى في نفس المذهب الواحد … ويحتاج عرفا إلى الجذبة وإحياء الليلة “بعيساوة / كناوة ” … المهم لدي الآن هو تحديد مقاطع حمقي  ولو بتباعدها ، والتي أكون فيها أحمقا بثابت المنظور الاجتماعي و بمنطوق فقه القانون…   إن لحظات حمقي كثيرة بفعل تضارب العوامل الخارجية والداخلية على التفكير بالتحدي … فعندما أرى أبناء الشعب ” وأنا بينهم ” كرامتهم تداس عنوة بمتوالية غير منتهية ….أجن وأفقد عقلي ….. عندما يحكمنا الماضي بقوانينه ويخطط لنا مسار الحاضر ،عقلي ينتكس إلى الحمق غير المنطقي ويتيه في أحلام اليقظة الضائعة … عندما أرى العدل فسادا … يسكنني الحمق وأعلن الرفض ب ” لا ” النافية للعقل وللذات … إذا هي كثيرة مواقف “حمقي “…التي تنتابني وتمسني ، ولكن لا خوف من حمقي فهو يصرف حروفا لا حجرا رميا بالرجم …

لما نعيب على الأحمق حمقه ؟ إنه يمتلك حريته بين يديه ، ويترك للحرية مساحة التحرك ولو ضمن الخانات المنغلقة بين جدران المارستان ،انه يحرك نفسه /ذاته بدون خيوط كراكيز صامتة ، ولاعقد اجتماعية مستوية بالانبطاح التام …انه لا يحاسب والقلم العلوي مرفوع عنه ،ولا يدون أفعاله فهو فوق منطق العادة …ولا يأتي بكتابه على شماله …  ومسلكه طيع نحو الجنة بمرتبة العدالة الإلهية…

فإذا كان العاقل هو الذي يسعى أن يغير نفسه / ذاته ليتلاءم مع وضعيات العالم المحيط  به بالتناسخ ويتباهى بسلوكه ضمن مكونات العقل المدجن … فبئس العقل والتعقل في هذا الموضع … أما إذا كان الأحمق / المجنون هو من يريد أن يغير العالم /المحيط به ليتلاءم معه بالتفكير والتخطيط  المنضبط لأحداث الحاضر والمستقبل … فنعم الحمق وقد حقق علامات الاستحقاق التامة … وبه العمل… والشعب يمكن أن يستنجد بالحمق التطوعي كبوابة فسيحة للولوج نحو مساحة الحرية برحابتها  …

هذه معادلة إذا بسيطة بين الحمق والتعقل … فأيهما نريد ونرتضي لأنفسنا ؟ الأحمق الذي يسعى إلى تغيير العالم ليتلاءم مع نفسه ….أم العاقل الذي يستبيح ذاته بالتغيير والتلون بألوان طيف الحرباء بالانبطاح التام والهرولة الانفتاحية  …

لا تخافوا سادتي الكرام من الأمر … فمن هذا الموقع …أعلن حمقي التام …. وأقر به علانية وأنا في كامل قوايا العقلية …. لأنني لا أريد أن أعيش تحت جلباب أبي (رحمة الله عليه )…لا أريد شرب وأكل التقليد بالسفاهة حتى التخمة التامة …. لا أريد أن أكون نسخة ” كربونية ” لغيري لا من الداخل أو الخارج  … إنها حياتي وتشخيصها بدور الأحمق أو العاقل لا يعفيني من إبراز ذاتي كأولوية تتموضع وفق التميز بالتفكير والرأي سواء في صوابه أو في عدوله التام عن الأخطاء … إنها مواقفي في معاكسة التيار الجارف في خفة رياحه ولو بالصياح ب ” لا ” كأضعف الإيمان … فعندما أفكر بسلطة العقل أموقع ذاتي ضمن الكثلة الاجتماعية السائدة بالتأثير فيها ، ولو بالإنصات وإبداء الرأي ….

فيما صلة الخيط الرابط بين الأحمق / والعاقل شعرته أكثر رقة من شعرة ” معاوية ” …وسحبها بالقوة تميل كفة على أخرى … إننا نعيش ” عقل القطيع ” الطيع في مواقفه وقدرته السريعة على النسيان و التناسي… فرغم أن الذئب موضعه المكاني في أعلى النبع فهو يدعي بأن الحمل هو من أفسد صفاء الماء وعكره ، وعليه عقابه ولو بالقانون… لكنني ،لا أنا مع الحمل في ضعفه وسكونية مواقفه بالخوف ، ولا ضد الذئب – بتطبيقه لدستور الغابة – في ظلمه واستبداده السلطوي … بل يجب أن أمثل الحق / القانوني الذي يحكمنا جميعا في أفعالنا و نوايانا الواضحة والمبيتة بمرجعية سمو مصداقية القانون التطبيقي .