مولود بوفلجة/ جديد انفو

كان رئيس الحكومة المغربية بن كيران ضيفا في لقاء خاص بقناة ميدي 1 تيفي يوم الخميس 29/أكتوبر 2015 وهذه مجموعة من الملاحظات حول هذا اللقاء.
1- حياة الرجل في خطر
أومأ بن كيران مرة أخرى إلى أن حياته في خطر و إلى أن أهله يخافون عليه و هو أمر لا يمكن أن نأخذه مأخذ الجد و التصديق لأننا سنجد أنفسنا أمام سؤال محير عن الجهة التي تهدد حياة رئيس الحكومة .فإن كان المقصود هم المستفيدون و المفسدون الخائفون على ضياع مصالحهم و امتيازاتهم،فإن الرجل قد غفر لهم ما تقدم من ذنبهم و سيغفر لهم ما تأخر فقد أعلن المهادنة و التجاوز و قال بأننا لسنا في سويسرا و بأنه لا يرغب في مجابهة أحد.. و إن كان الذي يخيف الرئيس هم الفقراء و المقهورين الذين اتسعت رقعتهم في عهده و بفضله فإن التاريخ المغربي قد علمنا أن لا أحد قتل أو اغتيل على يد عامة الشعب فهم في أقصى الأحوال يخرجون للشارع محتجين و لا يواجهون المخزن إلا إذا اضطروا لذلك اضطرارا. فالمسألة إذن لا تعدو مجرد هواجس ناتجة عن تضخم الانا و إحساس الرجل بعظمة لا يمتلكها أصلا فقد توهم نفسه في زمن الفراغ و التراجع بأنه بن بركة أو نيلسون مانديلا.
2-المهادنة مع أخنوش و لا خصومة إلا مع المقهورين
أعمل رئيس الحكومة كل جهده ليظهر حسن السيرة و السلوك و ليعلن المصالحة مع أخنوش و لم يكن ينقصه إلا الاعتذار حتى تهيأ لنا أن هذا اللقاء الخاص كان لهذه الغاية . فقد ذكر بن كيران أنه بمجرد ما قال له وزيره في الفلاحة أنه قد أخبره بأمر تكلفه بمهمة الآمر بالصرف في صندوق التنميةالقروية حتى تراجع و عمل تصريحا إجباريا يدعو فيه إلى التجاوز و إغلاق الموضوع بصفة نهائية و قال بنوع من المسكنة المهينة ما هضرتش أو ما غاديش نهضر.. و قد كان بن كيران يعود كل مرة إلى التذكير بعلاقته الحسنة مع وزيره أخنوش و بأنه من أفضل الوزراء و أقربهم إلى قلبه و بأنه لا يرغب في مخاصمته فكانت لغته لينة مهادنة هو الذي عرفنا عنه جسارته و طول لسانه.و انسجاما مع موقفه هذا فقد وافق على مقاضاة الوزيرين أخنوش و بوسعيد للصحفي توفيق بوعشرين صديق حزب العدالة والتنمية و المدافع عنه و هو درس لصحافة المحاباة لأننا عهدنا من المخزن أن يتخلى دائما عن خدامه.
3لغة الهروب و الانفعالية و منطق الضبابية و التعتيم
كان بن كيران في كل مرة أعوزته الحجة و لم يجد الجواب الشافي أو لم يستطع تسمية الأشياء بمسمياتها يتقمص دور الصحفي و يصبح سائلا لا مجيبا من أجل إحراج الصحفي و تحويل مسار النقاش إلى ما يود الحديث فيه. وقد بدا ذلك واضحا حين الحديث عن تنازل أو استقالة حامي الدين من رئاسة فريق حزبه و صرح بأن هناك أمور في الملف لن يذكرها الآن و كذلك حين أثار الصحفي موضوع التحالفات وجد بن كيران نفسه مضطرا إلى تبرير التناقضات و ايجاد مسوغات لتحالفاته التي لا يحكمها ضابط سياسي و لا أخلاقي .
لم يعد خافيا على أحد مهادنة الرجل و تعبيره عن إخلاصه و حسن نوياه كلما تعلق الأمر بالجهات النافدة ،فتحدث عن المرونة و عن الظرفية الخاصة و عن كونه رئيس حكومة المملكة المغربية و اننا لسنا في سويسرا و أشار إلى أن السياسة "كتْحْنَت" و معنى ذلك أن السياسة في المغرب قد تعصف بالمبادئ و تجعل الرجل يتحالف مع أعداء الأمس و كذلك كان مع الأحرار و كذلك قد يكون مع الأصالة و المعاصرة في سيناريو محتمل.
و قد ثارت ثائرة الرجل و غاب عنه توازنه المصطنع حين أثيرت قضية احتجاجات طنجة و تحول بن كيران إلى مستفسر طالب للجواب عن مصيبة حزبه في الانتخابات الجهوية و تساءل عن كيفية فوز حزب الأصالة و المعاصرة بخمس جهات و برئاسة مجلس المستشارين فنسي أنه رئيس الحكومة و أنه المعني بتقديم الجواب للشعب و لمن انخدعوا بالتصويت عليه و بدخول لعبة حمقاء على الطريقة المغربية الخاصة.و ظهر الرجل أيضا في صورته الانفعالية المعهودة حين أثيرت قضية المساواة بين الرجل و المرأة في الإرث و طلب من اليزمي الاعتذار و ذكرنا "بحكمة" الحسن الثاني في عدم امتثاله في كثير من الأحيان للمجتمع الدولي في إقرار بعض الحقوق التي لا تتماشى مع الخصوصية المغربية.و في ملف الطلبة الأطباء أكد رئيس الحكومة على أن الخدمة الوطنية الصحية مازالت مجرد مسودة وأكد أيضا على أنه رغم عدم توفر المعدات في العالم القروي فعشرات الأمراض قد تشفى بأن "يْحْن الطبيب على الناس" وبالمعلومات التي يمتلكها و بتقديمه للاسعافات الأولية .. لقد كان واضحا أن خطاب الرجل مسيج بخطوط حمراء لا يستطيع تجاوزها هو الذي يفترض فيه أن يتقاسم المعلومة مع المواطنين و مع أعضاء حزبه.
4-الكلام المعاد و بشرى الزيادات
لا يفوت رئيس الحكومة فرصة دون إسقاط طائرته في حديقته المفضلة ليكلمنا عن انجازاته في إصلاح صندوق المقاصة ،فينطلق لسانه في سرد الحصيلة و يدخلنا في لعبة الأرقام الغامضة التي لا تسمن و لا تغني من جوع و فقر و بطالة و يبدأ في الحديث عن الأموال التي ربحها المغرب بفضل سياسته الحكيمة و التي لا نرى لها أثرا يذكر في الحياة اليومية للشعب كما ذكر الرئيس فضل مقولته المأثورة "عفا الله عما سلف" في ضخ ألأموال في خزينة الدولة.
و بشر بن كيران الموظفين بأنه سائر في إصلاح منظومة التقاعد و بالرؤية التي اختارها و بالسيناريوهات الثلاثة القاصمة لظهر الموظف صاحب الأجر الهزيل و ذلك بالزيادة في نسبة الاقتطاع و اعتماد نسبة 2 في المئة و تمديد مدة العمل إلى 63 سنة.كما بشر الشعب الصامت بزيادة مرتقبة في وجبة العامة الخبز و اتاي بالرفع التدريجي في ثمن السكر و الدقيق مستقبلا أما البوطا كاز فقال بأنه لن يزيد في ثمنها هذه السنة و معنى ذلك أن الزيادة حاصلة في قادم الأيام.
مولود بوفلجة