مولود بوفلجة - جديد انفو

رياضة الوطنية وجه واضح من أوجه التخلف البنيوي الذي يعيشه المغرب في جل المجالات، فهي تمظهر جلي لتسويق الوهم للشعب الذي يصدق أننا نمتلك الريادة والتفوق على المستوى القاري والحقيقة خلاف ذلك تماما بالوقائع والأرقام.
كرة القدم معشوقة الجماهير ومخيبة امالها
عاد المنتخب المغربي للمحليين مقصيا من الدور الأول لكأس إفريقيا بعدما أهدرت على لاعبيه واستعداداتهم وتنقلاتهم أموال طائلة وبعد رحلته إلى روندا مصحوبا بالطباخين والخدم والحشم وأنواع الأطعمة المشروبات مما لا عين شعب رأت ولا خطر على بال فقراء الوطن. عدنا وتلك عادتنا وديدنا على مر الكؤوس القارية، نذهب ونحن المرشحين للفوز بالبطولة ونعود مع أول العائدين وننبري بعدها لتبرير الإخفاقات بمبررات واهية مضحكة كغياب القامات الطويلة والبنيات الجسدية القوية لدى منتخبنا وشوارع الوطن ممتلئة بشباب طوال غلاظ شداد معطلين عن الفعل والعمل و يتم الحديث أيضا عن صعوبة اللعب والتأقلم مع الأجواء الإفريقية وعن استهداف التحكيم للمغرب والتآمر من أجل اقصائه فننظر إلى أنفسنا من مرآة تضخم الأنا وبمنطق التعالي على الأفارقة كأننا ننتمي إلى مجال جغرافي قاري آخر وعلى رقعة الملعب تعرفنا كل الفرق المتواضعة حقيقة حجمنا وقزمية قامتنا وقصر باعنا، على مستوى المنتخبات والأندية كذلك.
لم يفز المغرب إلا بكأس وحيدة يتيمة سنة 1976 ومند ذلك الحين ونحن نعيش على تاريخ تلك الذكرى التي مات أو شاب من شهدها.
التنظيم -طموح أكبر من الإمكانات
لم ينظم المغرب الذي يتباهى بناياته و ملاعبه الكبرى سوى بطولة إفريقية واحدة سنة 1988 احتل فيها المركز الرابع من أصل ثمانية فرق مشاركة و انهزم حينها أمام الكاميرون التي لم يسبق له ان انتصر عليها -وفي قلب الدار البيضاء- و المضحك المبكي هو أن للمغرب طموح أكبر من حجمه وإمكاناته فقد ترشح مرارا لاستضافة كأس العالم و سوق المسؤولون و أبواقهم الإعلامية كذبة أحقيتنا باستضافة هدا المحفل الكروي وبأننا كنا ضحية مؤامرة أمام ألمانيا و أمام جنوب إفريقيا ونحن في الحقيقة إن « خسرنا الحرب لا غرابة لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابة » فتعرينا وانكشفت عورتنا أمام العالم في حفل افتتاح الدورة الأولى لكأس العالم للأندية بالشيخات وفضيحة الكاراطا وغرق الملعب في الدورة الثانية من نفس الكأس.
و لكم أن تتصوروا حجم الفضائح التي كانت ستصاحب كأس العالم لو أننا استضفنا 32 منتخبا كرويا بلاعبيها وأطقمها وجماهيرها ولمدة شهر كامل .. اكثر من ذلك فالمغرب قد اعتذر عن تنظيم كأس إفريقيا التي كان مقررا أن يستضيفها سنة 2015 تحت ذريعة الايبولا التي لم يصدقها أحد.
الإخفاق و الإرتجالية قاعدة عامة في كل الرياضات
لا يمتلك المغرب في حدود علمي أي فوز و لا أي لقب قاري في كرة السلة و كرة اليد و الكرة الطائرة و تبقى الريادة و التميز مشهودا للجزائر و مصر و تونس عربيا حتى في ظل ثوراتها و حراكها المجتمعي. وها هي فرق هذه الدول مؤهلة للعب نصف نهائي كاس افريقيا لكرة اليد التي تجري حاليا في مصر.
الرياضات الفردية بدورها لا تخرج عن قاعدة الاخفاق اللهم إذا استثنينا بعض الانجازات الفردية في ألعاب القوى لأبطال مثل عويطة و الكروج ونوال المتوكل. فلو كانت للدولة سياسة واضحة وطويلة الأمد لوجدنا بيننا الآن خلفا لهؤلاء ولوجدنا أبطالا في الرياضات التقنية كالقفز بالزنا أو القفز العلوي أو الطولي.
أما انجازات التنس فكانت على يد شبان تدربوا و تكونوا في بلاد الغرب كأرازي و العيناوي.
في الملاكمة أيضا نسوق لانجازات فردية معزولة على أنها طفرة وبالأمس فقط اندحر الملاكمون المغاربة أمام المكسيكين كان الفرق في المستوى المؤهلات واضح وبين.
و مع كل هذا ففي مغرب الواجهة و التسويق تمارس الرياضات التي لا تمارس حتى في بلاد اوباما باباه. نمارس الكولف والرياضات المائية والهوائية ولكل رياضة من هذه الرياضات جامعتها ومكاتبها المسيرة. وجيل السبعينات يذكر أسابيع الفرس الممتدة فكنا حينها نتخيل و نحن أطفال أننا ابطال العالم في تلك الرياضة لنكتشف بعدها ان فرساننا كانوا ‘’كيتبوردوا غير علينا حنا و أن شهرتهم حدها طنجة’’.
الريع الرياضي أو سياسة عاونوا الفريق
إذا كان الريع في أبسط تعريفاته هو الحصول على مداخل و أموال بدون عمل أو استثمار فإنه في عالم الرياضة خصوصا يقضي على المبادرة والتنافسية والتحفيز والرغبة في الانتصار لأن الربح مضمون كيفما كانت النتيجة المحصل عليها لذلك فأمر الرياضة في بلادنا موكول لأشخاص نافدين مقربين من السلطة قد لا تكون لهم أدنى علاقة بهذا المجال وأوضح مثال على ذلك رئاسة أحيزون لجامعة ألعاب القوى.
فكل الرياضات و كل الأندية المغربية صغيرة كانت أو كبيرة تستفيد من دعم الدولة وتعتمد أساسا على سياسة عاونوا الفريق في الوقت الذي تشكل الأندية في الدول المتقدمة دعامة وسندا لاقتصاد بلدانها.
إن الرياضة في المغرب مرتع للفساد و’’ بزولة ‘’لا تنضب رضع منها الأجانب والمغاربة ولا زال حليبها مدرارا للفاسدين وفي الوقت الذي تنقبض قلوب عند كل هزيمة أو إخفاق تمتلئ بطون وجيوب وتوزع مأذونيات نقل وأراض فلاحية ومرتبات شهرية دون ممارسة أي عمل أو وظيفة.