...اقترب آذان صلاة المغرب بتوقيت الدار البيضاء الكبرى والنواحي وما جاورها، تقبل الله صلاة الجميع. عندها فكرت في تلخيص كلامي والاستعانة بما قلّ ودلّ.

- السيد العامل، واش ممكن نكون معاكم صريح أكثر؟

العامل الصمودي: غير تكلّم أ سي يونس، حنا هنا غير باش نتكلمو بصراحة.

- السيد العامل، "بزاف ديال النساء ماتو ف مستشفى الدراق" لأسباب مختلفة، وأنتم تعرفون كل التفاصيل، وكلما حاولت الساكنة نسيان حالة تظهر حالة جديدة. ولا أحتاج اليوم إلى مزيد من التوضيح.

بعض المراكز الصحية بالإقليم مغلقة، وأغلب المراكز المفتوحة منها لا تغني عن التوجه إلى المستشفى الذي يوجه مرضاه إلى ورزازات أو مراكش، وبعض النساء الحوامل في تاكونيت مثلا يتم توجيههن إلى امحاميد الغزلان، ثم منها إلى زاكورة... " غادي يخرج ليا العقل، غير نسكت واقيلا، حيث واخا نهضر حتى نعيا غادي يجي نهار نعاود فيه هاذ الكسيطة" قلتها في نفسي وأنا أزيل نظاراتي.

قررت الاستمرار في الكلام، "ممكن تكون هاذي آخر فرصة نتلاقا فيها العامل".

- السيد العامل، هناك أطر طبية وشبه الطبية بزاكورة تغيب عن مواقعها لمدد طويلة، وأنا متأكد أن ذلك بتواطؤ مع الإدارة، ومستعد للبحث والكشف عن الأسماء، وهناك نقابيون يستفيدون من امتيازات معنوية، وطبعا لن أجد صعوبة في البحث وتقديم الأسماء.

هناك أطر يتناوبون على مواقعهم بزاكورة دائما، ومنهم من يقضي شهرا كاملا خارج المدينة، يعمل بمصحة خاصة بأكادير أو بمراكش أو غيرهما من المدن، وأستطيع البحث وكشف الأسماء وعناوين المصحات ومواقيت عملهم بها وعناوين سكناهم أيضا.

هناك مدارس بدون أساتذة، وأخرى بدون ماء ولا كهرباء، وهناك قاعات مدرسية بدون نوافذ. ولا تسألوني عن العناوين لأنها قريبة من المدينة.

أعرف أن بعض المسؤولين سيقولون: "تايخربق هاذ خْيْنا"؛ سأقول لهم: أكبر "مخربق" هو المسؤول الذي يظل في مكتبه يخطط ويقرر لمؤسسات لا يزورها ولا يراها، بينما بعض الأساتذة يقطعون كيلومترات تحت الشمس الحارقة وعلى طريق غير معبدة في القرن الـ 21.

أستاذي الصمودي، هناك الكثير من الذين يجاملونك داخل الإقليم وبينهم مسؤولون ومنتخبون، في وقت يقولون العكس تماما عندما يلتقون في لقاءاتهم الخاصة أو داخل منازلهم، أو في المقاهي أو الملاهي...

وبما أنني "مَازَال ما مْسْتعد نْدخُل للحْبس" فإنني سأكتفي ببعض الجمل؛ هناك من يصفك بـ "رمز فساد عهد سابق بالإقليم"، ومنهم من يسخر من بعض قراراتك أو كلماتك، وبينهم منافقون يشيدون بكلامك بوجودك بينما يعتقدون ويقولون العكس تماما في غيابك، وأنا أعرف أنك تعرف ذلك، لأنه مهما وصلنا وامتلكنا من القوة والجرأة والصدق... فلن نستطيع امتلاك رضى ودعم الناس جميعا.

كل هذا الكلام لن ينفع في شيء، أعرف ذلك سيدي العامل، غير أنه إذا كانت لكم إرادة صادقة ونية حسنة في تغيير أحوال الناس بزاكورة إلى الأفضل، فانتظروا الجزاء من الله وحده، وكل هذه المقالات والجمل والأفكار لن تفيد "الله يغبّر يا وليها الشقف"، لكنني أتمنى أن أسمع عن قرارات أو خرجات المسؤول الأول بالإقليم، تُدخل السرور في نفوس الناس.

ولأنها الحلقة الأخيرة من "قهيوة مع العامل الصمودي" فإنني أجدد التأكيد للجميع أنكم لن تروني يوما أمام باب العمالة، ولن تعرفوا متى سأزور أو أغادر زاكورة، ولن أتدخل أو أطلب يوما عملا لي أو لأحد أقاربي أو أصدقائي كما يفعل بعض النقابيين والحقوقيين والإعلاميين في بلدي العزيز المغرب، ولن أقبل ظرفا ماليا ولا هدية صغيرة أو كبيرة، ولا حتى تكريما من أي جهة كانت بزاكورة.

ولأنني سأنهي هذه "القهيوة" التي لم ولا ولن أهدف منها غير توجيه رسالة غير ملغومة، رسالة صادقة، نظيفة، من القلب إلى كل مسؤولي زاكورة، أتوسل إليكم اليوم، أرجوكم، أترجاكم أن تنظروا في ملفات وقضايا سكان تلك المنطقة العزيزة فأمور الناس على رقابكم..

سيدي العامل، تقبلوا فائق احترامي، و"ماتدّيش عليا، راني غير درّي صغير"، وأرجو ألا تفهموا من كلامي أنني أوجه إليكم نصيحة أو لدي نية سيئة، وأدعوكم بك صدق أن تلتقطوا رسائل ملك البلاد، وأن تنهجو نهج قائد عظيم أحترمه وأعزه كثيرا هو الملك محمد السادس " الوسام لمن يستحقه، ولن أطلبه يوما".

سيدي العامل، "والله ما باقي نعاود، ما تقلّقش راني عارف مرة مرة كانكتب وراسي سخون، ولكن عذرني لأن الناس ف زاكورة عندهم الموت ديال الحرارة وماكاين لا ما لا ضو، وكاين بزاف ديال المشاكل، واخا زاكورة من أجمل المناطق وكانفتاخر بانتمائي ليها".

أقسم أنني بكيت قبل أن أكمل هذا الكلام، وأتذكر أنني كلما زرت زاكورة أسعد بكل الإصلاحات التي عرفتها، كما أنني أتحسر وأتألم للفساد الذي يحارب من أجل نفسه ومصالحه المقيتة، ومن أجل توسعه في وقت تزداد فيه معاناة الناس.

-"يونس، فيق راه أدّنات المغرب"، على صوت والدتي أستيقظ، في انتظار أن تنعم أمي الكبيرة "زاكورة" بطاعة واحترام وجدية عمل مسؤوليها وأبنائها، سأظل أقول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة.