محسن الاكرمين

بين يوم الافتتاح ويوم الختم، ماذا تحقق وتخلف من مهرجان مكناس للدراما التلفزية ؟ . لكل منا إجاباته الخاصة حسب حجم زاوية التخندق والرؤية النقدية. لكل متتبع للحركة الفنية والثقافية بمكناس مستوى رده عن السؤال بالإفراط والتفريط حتى منتهى صاحب رد" قدي وعدي، الله يجبنا في الصواب". لكن لنغلف أعيننا بياضا عن كل المسًودات الطاغية بالغلب التنوعي والمجالي الاجباري في فقدان الحياة الكريمة بمكناس.
 
بين الافتتاح والختم لمسارات الدراما التلفزية بمكناس في دورتها السادسة نتائج متباينة. الآن وصلنا منصة الختم " وتشليل المدبح الجماعي للمهرجان بالجوائز والشواهد التقديرية " الآن أمكن لنا جميعا أن نرفع الحصانة الحصرية عن مسالك المهرجان " بالكلام المباح ". إن تجميد بطاقة الحصانة يبيح لنا رفع سقف أسئلتنا المستفزة تجاه وضعية مدينة، تجاه حركة ثقافية وفنية تضيع فيها النمذجة الاعتبارية لمكناس. أسئلة ندفع بها بقوة المساءلة الرامية الى تأسيس مسلك التقويم / النهائي لأثر كل مهرجان من حدود موضع قدميه الأولى. تقويم بمنهج نسقي لتثمين أفعال القوة، وحصر كل انزلاق واختلال مدوي قبل وأثناء تنزيل أجندة المهرجان.
 
لن نبخس المهرجان حقه الفني من حيث علامته الحصرية على الصعيد الوطني، لن نفرغ أنشطته الرديفة من التنوع بحدود المعقولية المباحة بمدينة مكناس. ونقر للذكر التاريخي أن المهرجان استطاع نيل شرف الرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس. استطاع بمجهودات ل"جمعية العرض الحر" من بسط الزربية الحمراء بمكناس ولو حتى بقصر مسافة طولها، استطاع أن يبقي المهرجان تقليدا مكناسيا لمدة ست سنوات متتالية بالتحدي والآمال وفق استحضار رؤية الامكانات والعرض الفني/ التلفزي السنوي . استطاع الانفتاح على الفضاء العالمي وجلب ممولين حصريين للمهرجان كشركاء.
 
الاشادة بنقط التثمين لن تغنينا بدا من البحث عن بعض الاكراهات المصاحبة للمهرجان، والتي غالبا ما توثق بالصورة والأفعال المباشرة، وتسوق إعلاميا. ليكن المنطلق الأول لقولنا ذكر بعض الاكراهات التي لا تحمل بصمة مسؤولية " جمعية العرض الحر" . إنها إكراهات مدينة بعينها، والتي زادتها هيكلة شوارعها بالبطء إلا بؤسا على البؤس العام. مدينة لا تضم لا مسرحا كبيرا، ولا ملعبا كبيرا، ولا شوارع أنيقة، ولا حتى رؤية ملتزمة لحركة ثقافية وفنية استراتيجية وازنة. ولنا - " غيرة مدينة" - في مهرجان "الموسيقى الصوفية " المثل الأقرب بقطب الجهة من استطاعته على تسويق العلامة الحصرية لمدينة فاس بأمانة.
 
انزلاقات تلحق بتسمية المهرجان من حيث إلحاقه بالأشخاص لا بالمدينة، رغم أن العلامة الدعائية للمهرجان تحمل " مهرجان مكناس للدراما التلفزية". إكراهات في التنظيم والإشراف تتسم بالارتجالية والإتكالية لحظات عديدة ، وفي عدم توزيع المهام بالمسؤولية التعاقدية القابلة للمحاسبة بعد نهاية المهرجان. تدبير سلبي في تجميع كل المهام في يد مدير المهرجان فهو الحكم الفصل في كل المستجدات الطارئة. إختلالات في توسيع طاقة الإسراف الحاتمي إلى حد البذخ والترف على ضيوف ليس لهم من القيمة المضافة للمهرجان إلا الجلوس على الموائد الدائرية.
 
إنها الأشياء المعيبة بالقلة لمسار مهرجان . إنه نوع آخر من التهميش القصدي الذي تعانيه أوجه الإعلام المحلي بمكناس عبر الصد والكلام غير المحسوب العواقب. إنه التنكر البين بالوضوح لعدم تحقيق ولو شراكة واحدة شفافة مع مقاولات الصحافة المحلية والجهوية والوطنية بمكناس.
 
بين الافتتاح و الختم فواصل عدة تلوح قياما ، وتستدعي التجديد و التفكير العاجل في التطوير، تقتضي كذلك اكتساح الساحات العمومية بالعرض، تتطلب اقتحام فضاءات المؤسسات المدرسية العمومية بالعروض الفنية، تستوجب التعاقد المعنوي مع المتلقي المكناسي عبر عروض القرب.
 
فيما القيمة التي يمكن أن تكون إضافية للدورة السادسة، هي الوعد الذي قطعه مدير المهرجان محمود بلحسن بعقد ندوة صحفية مفتوحة للمكاشفة الشفافة بعد نهاية الدورة . هو وعد ملزم لتحصين المكتسبات وطرح البدائل التصويبية لكل اختلال سقط فيه المهرجان بالاضطرار أو بالقصد من طرف بعض مهندسيه.