المشهد الأول:

كنت أود الخوض في تحليل صحة الصور التي تظهر الأمين العام لحزب الاستقلال وهو يُوَشَّح من طرف الصهيوني "سام بنشتريت" رئيس الجامعة الدولية لليهودية وممثل اليهود المغاربة بدولة الاحتلال الصهيوني ( الصورة 1 ).

لكن سبقني مغاربة آخرون لتحليلها واثبات صحتها بعد دحض كل محاولة للتكذيب عبر شريط مصور نشرته احدى الجرائد الإلكترونية المغربية مشكورة. كما ان خبراء الجرافيك أفشلوا محاولة انقاذ ورطة شباط من خلال اخفاء العلم الاسرائيلي بواسطة لوجو آخر لهذه الجامعة بشكل رديء جدا يظهر مدى بلادة المصمم وارتجاليته، ناسيا هذا التقني الهاوي بأن بنشتريت أشرف على منح نفس الشهادة لعديد من الناس غير أمينه العام ( الصورة 2 ) .

فضيحة محاولة فبركة الصور من طرف زبانية حزب الاستقلال (الصورة3)، دفعت العديد من القياديين في الحزب لسحب تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بعد توريطهم في معركة خاسرة، ومحاولة إلصاق فبركة الصور بالأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران. بينما أكدت مصادر بأن الفيديو الذي انفردت "الرأي" بنشره، وهو يتسلم شهادة من أحد اليهود المغاربة، تحمل راية الكيان الصهيوني بوضوح، خلف صدمة قوية في البيت الداخلي لحزب الاستقلال، بعد نفت قيادات من بينها حميد شباط لما تحمله الصور التي سبق وتداولها نشطاء المواقع الاجتماعية.

فيما كشف مصدر آخر حجم الانتقادات التي وجهها قياديون لحميد شباط، بسبب محاولة تضليل الرأي العام، عبر تصريحات حاولت تكذيب خبر تسلم شباط لشهادة تحمل العلم الإسرائيلي، خصوصا بعد دفع الحزب الى اصدار بيان للرأي العام يبرء فيه ساحة الأمين العام ويحاول التقليل من أهمية الصور باعتبارها نشاطا عاديا يجمع المغاربة فيما بينهم.
لكن البيان نفسه لم يخلو من انزلاقات ومغالطات إضافية، بعد ان اعتبر أن الحفل منظم من طرف رئيس الحكومة بل وحضره عبد الاله بنكيران نفسه رفقة وزير الداخلية آنذاك امحند العنصر، فيما الحقيقة تقول بان الحفل نُظم قبل شهر من انتخابات نونبر 2011، أي قبل تنصيب الحكومة الجديدة بعدة أشهر، فيما الواقعة التي يتحدث عنها بيان الحزب تعود لسنة 2013 حيث حضرت شخصيات عدة افتتاح معبد يهودي بحي الملاح بمدينة فاس بتمثيلية رسمية ومواكبة إعلامية واسعة (الصورة4).

المشهد الثاني:

قادني الفضول للاطلاع على ردة فعل المغاربة بعد هذه الفضيحة، فانتقلت الى صفحة الموقع المسؤول عن التكذيب _وهو بالمناسبة موقع "تابع" و"ممول" من طرف الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط_ وذلك بغية قراءة التعليقات على موضوع هذه الفضيحة والتي تجاوزت الـ 700 تعليق، خصوصا حول موضوع محاولة التكذيب عبر نشر الصور المفبركة...

عموما أبانت نسبة 80 بالمئة من التعليقات بان المغاربة واجهوا شباط بقوة وذكاء ولم تنطلي عليهم حيلة الفبركة التي قام بها تقنيو حزب الاستقلال، بينما فظل آخرون ان يدافعوا عن شباط ظالما او مظلوما... هؤلاء رفع عنهم القلم.
لكن المستغرب له، هم هؤلاء المعلقين الذين لم يفهموا بعد ما الذي حدث بالضبط. فانطلقوا يدافعون عن التعايش بين المسلمين واليهود في المغرب !!

لماذا لم يستوعبوا؟ لأنهم لا يفرقون ما بين اليهودي والصهيوني، لا يعلمون بان "الاسرائيلي" هو "الصهيوني"، أي المواطن المقيم داخل الأراضي المحتلة والذي مر عبر فترة تجنيد اجبارية بجيش الدفاع الإسرائيلي، لا يعرفون كذلك بان "علم اسرائيل" يمثل "صهاينة اسرائيل" ولا يعلمون بأن "نجمة داوود" و"الشمعدان السباعي" يمثلان "الديانة اليهودية" في المغرب وفي العالم، وان المشكل في هذا التكريم ليس مشكل صراع اديان او تعايش يهودي-إسلامي-مغربي...

ما يجب ان يفهمه هؤلاء المغاربة "النية" - الذين يفتقدون للكثير من الثقافة العامة حول قضايا أمتهم الاسلامية - وهو ان المشكل هنا ليس مع اليهود المغاربة المقيمين في المغرب الذين نتعايش معهم يوميا ويمارسون طقوس عباداتهم بشكل حر وآمن - محمي من طرف الشعب قبل ان تحميه السلطات -، بل مع الاسرائيليين الصهاينة المقيمين في أرض المقدس وذلك بحكم "العلم الصهيوني" الذي يظهر في "شهادة التكريم" التي توج بها حميد شباط والتي حاول اخفائه بشكل رديء ومفضوح، و بحكم ان من يقوم بالتكريم والتوشيح هو عقيد ممتاز "كولونيل ماجور" بالجيش الإسرائيلي وهو أيضا "مسؤول السابق في جهاز الموساد" ومقيم بتل أبيب عاصمة كيان الاحتلال الصهيوني..

المشهد الثالث:

دعونا نتساءل مع بعض، أصلا، ما الداعي لأن يتم تكريم شباط من طرف الجامعة العالمية لليهود؟ ماذا قدم لهم ليستحق التكريم؟ ربما نتفهم تكريمه من طرف الطائفة اليهودية المقيمة بالمغرب بحكم ما قد يقدمه لها من خدمات لحفظ تراثها وديانتها وممتلكاتها مثلا... لكن ان يتم تكريمه بوثيقة تحمل العلم الاسرائيلي الازرق الذي تتوسطه نجمة داوود والذي دأبنا على حرقه وتمزيقه و"تلويثه" خلال مسيراتنا الاحتجاجية المليونية ووقفاتنا وجميع أشكال احتجاجاتنا ضد هذا الكيان الغاصب، فهذا أمر خارج عن إطار العلاقة مع اليهود المغاربة فقط، بل يتعداه الى مستوى أكبر يوجد "الصهاينة" على طرفه الآخر في إطار جهاز مخابراتي اسمه الموساد الاسرائيلي.

أضيف كذلك، بأنه ان تحدثنا عن اليهود المغاربة المقيمين في اسرائيل فإننا نقصد بذلك "مواطنين إسرائيليين" أدوا الخدمة العسكرية الاجبارية، رضعوا، شربوا وترعرعوا في ظلال فكر الصهيوني وخاضوا حروبا واعتداءات على الفلسطينيين وقتلوا أهل فلسطين واغتصبوا أراضيهم واستوطنوها ضدا في القرارات الأممية المختلفة. فكيف يشرفنا أن نعتز بهم وبمغربتيهم وبأوسمتهم وشهاداتهم؟ ألم يوقع حزب الاستقلال على مشروع القانون المجرم للتطبيع رفقة حزب الاصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية وحزب العدالة والتنمية؟ أليس الأحرى بنا ان نطالب بنزع جنسيتهم المغربية التي يسيئون اليها بارتكابهم لجرائم حرب ضد الانسانية وضد أهالينا في غزة والاراضي المحتلة؟ .