زايد جرو - جديد انفو
نعال ميشلان أو كاموس أو نعال هارون نسبة ليهودي كان يسكن مدينة تنغير يسمى ب هارون اخلوين والذي كان يسافر على الأقدام إلى ضواحي الرباط حسب الحكايات لشراء المسمار والمواد الأولية للصناعة وهي من المنتوجات التقليدية المحلية الصنع بجهة درعة تافيلالت والتي يجهلها أهل الحواضر،وهي من الإرث المادي الذي تتميز به الواحات بالجنوب الشرقي ،تُصنع عادة من الجلد المتين وقطع من "البنوات" التي تستعملها وسائل النقل، وبعد تأكلها يطوّعها الخراز بلغة اهل الجنوب لتعود صالحة للاستعمال بطريقة أخرى دون أن يدري الصانع أنه يحافظ على التوازن الأيكولوجي وكأن قدرها طول الحياة هو السير وحمل الأثقال الآدمية.
الخرازون باللغة المحلية لأولاد تافيلالت تخصص لهم "زنقة "واحدة وتعرف بزنقة الخرازة وهم متفاوتون في جودة صنع نعال ميشلان التي تتزاحم فيها المسامير المختلفة الأحجام وكل بيت لا يخلو من " عرمة " من هذه النعال ،وبمدخل بيت الجلوس خاصة في الولائم قد يأخذك العجب من عددها ،فتجدها مصطفة كالقبور منها الطويلة والقصيرة والبين بين ،ثمنها قليل ونفعها كثير ،ولا يأخذ منها الزمان لا حق ولا باطل ،تلبس أنت وأخوك الصغير وأخو اخيك والذي بعده وتصمد صمود الجبال تضرب بها الحجر وتمشي بها فوق الأشواك وسط الواحة ويمشي بها الرعاة بين الأحجار ، تقتل بها العقارب وتدوس بها على رؤوس الأفاعي وتستعملها فرامل لكبح سرعة الدراجات الهوائيةأو "الزعراط" أو عود الريح الذي لا فرامل فيه ولا ناقوس ،وتلعب بها الكرة وتدوم وتدوم ،وتلبسها طول الصيف حتى وسط الشتاء ولا تعفيها ولو لمرة واحدة من المشي وفي القيلولة تصنع منها مخدة فوق " القَلاّع" ف " لكْليب " تلتقط أفكارك عندما تخلد للنوم لقليل ..هذه المنافع التي لا تنتهي يستحق عليها اليهودي هارون القاطن سابقا بتنغير الجنة ،لأنه ترك صدقة جارية استفادت منها ساكنة الجنوب الشرقي لعقود.
نعال ميشلان بجهة درعة تافيلالت وحدت بين الجميع وأخفت التفاوت الطبقي في مجتمع الكدح والفقر فهي مناضلة ومقاومة حقا وتستحق التكريم والشواهد التقديرية لأنها ساهمت في التنمية والحكامة وحسن التدبير والمسير، وكم يحتاجها الفرد حاليا لضرب العديد من الرؤوس الفارغة الخاوية لتستيقظ من غفلتها و"توَكِّضها " لأنها تطاولت وطال لسانها ونسيت ماضي القمل والذباب الشديد السواد الذي تزاحم على وسخ أنوفها وآنافها،وتجاهلت حياتها ومسيرتها التي طالت في العري أزمانا وحقبا لا تعد ولا تحصى.