نبارك نايت أمراو - أوسيكيس / جديد انفو
حصلت فاطمة باعدي، أول امرأة تحصل على شهادة الدكتوراه في عدد من الجماعات التابعة لدائرة بومالن دادس بإقليم تنغير، ' حصلت ) أمس الخميس 26 ماي 2016 بميزة مشرف جدا على شهادة الدكتوراه في الطب العام من كلية الطب والصيدلة بمراكش.
فاطمة، فتاة قروية التي تابعت دراستها الابتدائية بمسقط رأسها أوسيكيس، قبل الالتحاق بإعدادية يوسف بن تاشفين على بعد نحو 10 كيلومترات من بيت الأسرة، حيث تحملت كباقي زملائها قساوة مناخ المنطقة التي تقع في علو يتجاوز 1500 متر على سطح البحر، القرية التي غادرتها من جديد في اتجاه قلعة مكونة حيث تابعت السلك الثانوي وحصلت بتفوق على شهادة البكالوريا.
تخرج فاطمة، ونيل وسام مهنة "الطب" التي تعتبر قريتها الصغيرة من أكبر قرى المغرب تضررا من غياب خدماتها، تخرج بالطبع لم يكن من محض الصدفة، بل ثمرة جد واجتهاد ومقاومة لواقع اجتماعي لايزال يجهض أحلام بناته خاصة في طريق العلم، واقع سمته الإقصاء والفقر، بل واقع لا ينتج سوى تفشي ظاهرة طلاق القاصرات وليس زواجهن فقط..
تخرج فاطمة، حوله نشطاء شبكة التواصل الاجتماعي، من أصدقاء الدراسة بالأمس ومن المقربين لها، ( حولوه) إلى عرس علمي بطعم التفوق، عرس أسعد جميع طبقات القرى الجبلية بالمنطقة، بل تقاسم العديد ممن لا يعرفون فاطمة طعم هذا الانجاز المشرف لها، لأسرتها وللمرأة الأمازيغية التي لا تزال تعاني الجهل والفقر في مرتفعات الأطلسين، تقاسم الجميع عبر عشرات المنشورات ومئات التعاليق على فضاء مارك زوكربيرج الأزرق..
تخرج فاطمة، انتصار على تهميش المرأة، ورد اعتبار للمرأة القروية، وللأسرة الفقيرة، وتشريف عائلات بـ" أوسيكيس" لا تزال أسر منها تعيس إلى حدود اليوم نمط الترحال بين جبال الأطلس، فاطمة أرسلت رسالتها بل أطلقت صرختها من مدرجات كلية الطب بمراكش إلى كل من لا يزال يحتقر المرأة ونساء الرُحل على وجه التحديد.. " لا بد أن أفتح هذا القوس وهو عبارة عن عنوان صحفي، قد أقول أنه جاء محض صدفة لكن الأهم من ذلك أنه أسس لفكرة تأسيس هيئة مدنية تضامنية مستقلة تعنى بالأوضاع الاجتماعية لمرضى جماعة أمسمرير ممن يضطرون إلى التنقل رفقة ذويهم إلى المستشفى الجهوي مولاي علي الشريف، العنوان الصحفي ليس سوى " رئيس جماعة أمسمرير يرفض نقل مريضة معدمة بسيارة الجماعة"، لست هنا لأعيد قصة الحادث، لكن الفكرة التي نتجت عنه كانت كما يقال "عسى أن تكرهو .." خيرا..
نجاح فاطمة، التي قضت الفترة الأخيرة قبل مناقشتها لدبلوم الدكتوراه في خدمة الصحة بمدينة الرشيدية، لا يجب أن يمر مرور الكرام، بل يجب أن يكتب بحروف من ذهب، كما لا يجب أن ينسى كأن شيئا لم يحدث.. نجاحها سيدخل التاريخ من بابه الواسع " عبر إطلاق إسمها على الهيئة الاجتماعية المدنية التي يوجد مشروعها في مخاض سيكمل موعد ميلاده بعد الموعد الوطني 7 أكتوبر إن شاء الله تفاديا لأي " قيل أو قال " من لدن من يعبثون بتدبير الشأن العام وتجنبا لتدنيس هذه الفكرة المدنية النبيلة التي قطعت صرتها بين دهاليز مستشفى مولاي علي الشريف في لحظة إحساس بالحقرة وبالضلم..
نجاح فاطمة، يحتاج أن يغير أسماء مؤسسات تربوية بالمنطقة ويطلق عليها إسم " فاطمة نايت باعدي "، لانها وعن جدارة واستحقاق رفعت علم المرأة القروية في سماء التميز عاليا، وأسعدت الصغير والكبير، كيف لا وقد تنقل شباب ممن يقدسون العلم لا المال إلى المدينة الحمراء لمشاركة أسرة فاطمة، التي تعد للاحتفال قريبا بنجاح عاطفي وتعقد قرانها بأستاذ جامعي تفوق بدوره في علوم الرياضيات بكلية العلوم بالرشيدية، نعم الرشيدية التي تجمع حاليا نخبة لا تتجاوز 4 أفراد من أبناء قرية أوسيكيس لكنهم لا محالة سيطلقون شرارة عمل إجتماعي نبيل أتمنى ألا ترفض الدكتورة فاطمة موافقتها على أن يحمل إسمها خدمة للمرضى المحتاجين، الذين ستعفيهم المبادرة على الأقل، كما نجحت جمعية تنغير الكبرى بمراكش من قبل في نفس الأمر، من تكاليف الإيواء بمدن البحث عن الاستشفاء..
تخرج فاطمة نجاحنا جميعا، نعم.. لكنه نجاح لي ولأسرتي أيضا وبطعم خاص ..فقط لأننا لم ندخر يوما جهدا في توجيه فاطمة، التي ليست سوى بنت بنت عمي " لحسن أوعلي نايت أومراو..
بهذه الطريقة، وقد أكتب بدون توقف، أتمنى لك فاطمة الفلاح في حياتك المهنية والشخصية وأتمنى أن تصل صرختك لكل الأمهات والآباء بقريتنا الصغيرة أوسيكيس ونرى مستقبلا او نسمع عن أطباء وطبيبات جدد..