زايد جرو - جديد انفو / متابعة

جلسة النساء فوق الحصى وفوق الأرض المغبرة  دون تكلف بعد العصر، وبعد انتهاء كل الأشغال وقبل آذان المغرب بقليل، لن تجد لها أرضا إلا بالجنوب الشرقي، أمهات تجتمعن بلمة كبيرة أو صغيرة  وبجانبهن الكعوب من الفتيات والأطفال  تمررن لهن  خلال وخصال" أسامر " دون مدارس، وتعلمن للجميع الأصول وكيفية العيش بأرض لا تنمو بها غير  أشجار الطلح والنباتات الشوكية، وقليل من المنتوجات المجالية، ولا تتحرك في فيافيها ليلا غير الزواحف بالأشكال والأنواع، أمهات صبرن وكافحن من أجل أن تنحت بناتهن وأولادهن الحياة من الحجر، ولسان حالهن الحمد والشكر، مرة فرادى ومرة جماعات وتمضي الأيام كما تشاء.

امرأة ملثمة بلباس المكان، منزوية، فريدة، تنظر برؤية ثاقبة للأفق، وللأفاق تنتظر شيئا ما، تتنظر ابنا غاب لسنين أو لشهور أو تنتظر زوجا طالت طلته، أو ابنة مغربة طواها البعاد ، وظلت تنتظر بصبر ،أكثر من صبر" بنلوب"  عودة  عوليس أو السندباد من السفار، والفضاء متسع وخاو ،لا فيه غير الأزيز والزفير ، وأمواج الرياح بين الفجاج تصرخ من ورائها هو لن يعود فلترحلي رحل النهار .

لم تلجن المدارس، وقل منهن من سافرت بعيدا عن الحدود الجبلية أو الرملية، عشقن هدوء العيش وتحملن ما لا يتحمله الرجال ،وليس على شفاههن  غير البسمة والابتسامة ..لم تعرفن لا الحقوق ولا التظاهر ولا  علم  النفس ولا علم الاجتماع، ولا درسن  التاريخ ولا الجغرافية  بل نبتن النبات الحسن  فطرة بأرض تخومها شاسعة ، فلقن دروس الإرشاد لكل الزائرين بحسن الوداد، ومكارم الخلال، وبكرم  ما تجود به الواحة حسب المستطاع.

تحية عالية لنساء  الجنوب الشرقي ونساء أسامر من النيف وحصيا واعشيش  وتزارين وزاكورة  وتنغير والقلعة وورزازات وطاطا واالرتَب ْومرزوكة وإملشيل ومزكيدة .... وتبقي البساطة هي الطابع الذي لا يقبل التطبيع.