زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو

بقلب مدينة الرشيدية بجانب "المارشي"، المكان الذي يقف فيه الكثير من الناس للتبضع سواء كانوا أشخاصا من ذوي الهمة والشان، أم من عامة الناس  المخصوصة في  الجبلة، أو من السياح الوافدين على المدينة... فجميعهم يدرك الرؤيا الضيقة للذين يشرفون على جمالية  المدينة وتنظيفها وتطويعها لتكون في مستوى التطلع وفي مستوى" اللوك" الجميل، فقبل أسبوع تقريبا في حرقة شمس غير مسبوقة، تعلق فوق أعمدة من حديد  فنانون لرسم ونقش  لوحات تشكيلية على جدار، شيخ هرم ، يابس، أحمر اللون، وهم يتصببون عرقا تطوعا من أجل أنا المدينة، ومن أجل أنا الفن، ومن أجل أنا الجمال، ومن أجل الأنا في المدينة، فشكلوا بعملهم لوحة تشكيلية، لا تطوع ذاتها  بسهولة للناظر،  وقد تثير الفضول وتستدعي الوقوف والتوقف مدة من أجل فهم تشاكل الألوان وتشابك التيمات فيها، وهي لوحة مختلفة عن الرسومات العادية التي  يتم استهلاكها بسرعة فيتحول مشهدها منظرا مكرورا مألوفا مما يستدعي تغييرها أو محوها ضرورة .

اللوحة في المكان تتعدد قراءتها، وحين تقف وتقترب للمزيد من الاستمتاع بها بحثا عن اللذة الفنية، تزكم أنفك القمامات المسطرة من أسفلها، وتتحول التشكيلات اللونية إلى تشكيلات " زبلية، خنزية" وتغادر المكان مرغما بتساؤلات عريضة مفادها في اعتقادي: أن اللوحة ما رسمت ونقشت هناك إلا لرسائل منها يجب تحويل مكان  حاويات الأزبال من قلب وصلب المدينة لمكان آخر، ورسالة أخرى قد تكون شفرتها أنه يجب الاعتناء بجمال المدينة والتفكر في بناء الأفكار وتربية الحس الجمالي لكل ساكنة وزوار المدينة، فكل الأوراش الفنية التي كانت بكل المدينة  في نفس الأسبوع هي رسائل فيها حدث وفيها ما فيها من دروس وعبر.

المجلس البلدي مرغم على مسح اللوحة وتبليط الجدار من جديد بلون يراه مناسبا  لتعيش الأزبال بالمكان وتحيا حياتها العادية بين المارة  قبل تجميعها، أو عليه نقل القمامات لمكان آخر، أما أن يتعايش الفن و'الزبل ' في مكان واحد فذاك ضيق في الأفق وتبخيس للفن والفنانين .