إسماعيل أيت حماد - جديد انفو / متابعة

رغم مجهودات الأطر الطبية لإنقاذ البنت ذات العشر سنوات التي قضت أسبوعا في غرفت الإنعاش تحت العناية المركزة بعدما فارقت الحياة على التوالي كل من شقيقتها التي تبلغ ست سنوات ووالدتها 30 سنة إثر تعرضهن لتسمم غذائي قاتل، لفظت أنفاسها الأخيرة صباح يوم الجمعة 16 يونيو في إحدى المصحات بمراكش، وأكد علي حديدان شقيق الأم الهالكة خبر الوفاة مؤكد أن الأطر الطبية بذلت مجهودات كبيرة لإنقاذ البنت غير أن حالتها الصحية عرفت تدهورا خطيرا بسبب خطورة التسمم الغذائي القاتل الذي تعرض له أفراد الأسرة الثلاثة الأم وابنيتها إثر تناولهن لوجبة إفطار فيما كان الأب في العمل خارج البيت .
بدأت أعراض التسمم تظهر على أفراد الأسرة الثلاثة بعد تناولهم لوجبة الإفطار، ولم يستطيعوا تناول وجبة العشاء بسبب التعب، وكانت البنتان تشتكيان من فقدانهما التدريجي للبصر وارتفاع الحمى والغثيان ثم التقيؤ”. وكانت الأم قبل وفاتها قضت ليلة كاملة في قسم المستعجلات تتألم دون انتباه الأطر الطبية إلى إصابتها بالتسمم، وتطورت الأعراض إلى الصعوبة في التنفس وعدم القدرة على الكلام أو تناول الطعام أو شرب الماء، وفشلت كل محاولة الأطباء في تهدئة آلامها بعد تقديم الدواء والعلاج لها، وقرروا إدخالها قسم الإنعاش.
 
وهي نفس الأعراض التي ظهرت تدريجيا على البنتين، وقررت الأطر الطبية وضعهن جميعا في قسم الإنعاش، ثم تحويلهن لاحقا إلى مراكش لاستكمال العلاج، غير أن البنت الصغرى (6 سنوات) لفظت أنفاسها الأخيرة في مستشفى سيدي احساين ورزازات .
 
فيما توفيت الأم بعد أربعة أيام من إدخالها إلى قسم الإنعاش بالمستشفى العسكري ابن سينا بمراكش، فيما تواصل الأطر الطبية بتنسيق مع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية مجهوداتهما وإجراء التحليل لتشخيص حالتهما قصد التوصل إلى علاج لإنقاذ البنت التي قضت أسبوعا في قسم الإنعاش في إحدى المصحات الدولية بنفس المدينة ، غير أن الضحية توفيت صباح الجمعة .
 
وحسب مصادر من العائلة فالأمر يتعلق بتسمم غذائي خطير، وأن لجنة من مندوبية الصحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية حلوا بمنزل العائلة مباشرة بعد الحادث، وأخذوا الأغذية التي تناولها أفراد الأسرة والتي يشتبه في كونها السبب الرئيسي في إصابتهم بالتسمم ، قصد إخضاعها للتحاليل في المختبرات .
 
ومن جهة أخرى أصدرت كل من وزارة الصحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية والمنتجات الغذائية بلاغا مشتركا تؤكدان من خلاله أن “التحاليل المخبرية التي قامت بها المختبرات المختصة على عينات الأطعمة التي تم العثور عليها بمنزل الأسرة السالفة الذكر خلصت إلى أن التسمم الغذائي راجع إلى تناول الأسرة مواد غذائية ملوثة بجرثومة سامة تسمى كلوستريديوم بوتولينوم ـ clostridium botulinum التي تلوث المنتجات الغذائية وتفرز سموم مضرة بصحة المستهلك.”
 
ويضيف البلاغ أن” كلوستريديوم بوتولينوم من فصيلة البكتيريا العصيبة الا هوائية والموجبة الغرام (bacille anaérobie à gram positif) وتنتج بويغات (spores) التي تعد وسيلة المقاومة لهذه البكتيريا. هذه البويغات تقاوم المعالجة بالحرارة المنخفضة كالبسترة وتنمو لتصبح باكتيريا المسببة للتسممات الغذائية. تفرز البكتيريا الملوثة للمنتجات الغذائية إحدى السموم الفتاكة التي يمكن القضاء عليها بإخضاع المنتوج لمعالجة حرارية حتي الغليان لمدة وجيزة.
 
بعد تناول الأطعمة الملوثة تصل هذه السموم الدورة الدموية وتعترض التواصل بين الخلايا العصبية والعضلية مما ينتج عنه شلل تدريجي للمستهلك حتى الممات. وتعتبر المصبرات الغذائية التقليدية والعائلية التي لا تحترم الشروط الصحية الوقائية ومعايير المعالجة الحرارية أهم أسباب هذا النوع من التسممات”
 
وتجدر الإشارة أن الإجراءات الاحترازية التي قامت بها المصالح البيطرية التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ) تعليق بيع إحدى المنتجات ـ حجز احتياطي للمنتوج في انتظار نتائج البحث الصحي ( تعتبر إجراءات ضرورية في كل حالة تسمم غذائي.
 
وكشفت بعض المصادر للجريدة أن الأبحاث والتحريات والتحليلات المخبرية مازالت لم تسفر عن تحديد مصدر التسمم الغذائي الذي تعرضت له الأسرة .