زايد جرو – جديد انفو/ متابعة

مهرجان إفران الدولي للموسيقى  في دورته الثانية  والذي تحتضنه مدينة افران من الجمعة  07  الى 09  يوليوز الجاري  تم افتتاحه بسمفونية "احيدوس " كما سماها  المنظمون  من إنجاز ( 23 ) فرقة  لرقصة  أحيدوس ، ومن خلال التتبع لأعمال الفرقة الفائقة الحجم والعدد والتي "تسطر" شيوخها   مكرهين  مقيدين على غير العادة ،يدرك الجميع  بأن العمل  فيه صنعة زائدة  وتكلف وتكليف ،فَقَدَ بها  البساطة التي اعتاد ها الجمهور فيه  والتي ألف  الانسياب مع نغماتها تطوعا وانشراحا  والتي وشمت في الذاكرة والمخيلة الشعبية  الأمازيغيبة   منذ أزمان، ولا يمكن  تغييرها أو مسخها.

العمل ربما كلف المنظمين  شهورا من أجل الإعداد الشكلي والتنظيمي لخلق انسجام بين الفرق ، ومزج بعضها ببعض  عنوة  في تنافر غير محمود  ، ربما إرضاء للحجم الكبير من الفرق  ، فتعاملوا مع الفن والشيوخ  بالكم وهو الذي أضفى نوعا  من الارتباك في أذان عشاق أحيدوس بالأطلس وبكل المناطق الأمازيغية .

 أحيدوس لم يكن لينشد بالقيد وبالتصفيف، وكأنك تصنع الألواح الخشبية للأبواب ،ويجب ان يكون اللصق محكما ، بل هو فن مبني على حسن الإنشاد  والصوت المميز والحركة والخفة ...وكل فرقة لها " مايسترو " خاص له مميزاته في كل شيء أيضا ،والفن مبني على الحرية ومد الصوت  ليصل الأعالي  ليسمعه الحداة بدندنة " تلونت " ..والمهووسون  بفن احيدوس يهرولون  من كل حدب وصوب ،ويتركون أي شيء لمتابعة صوت فلان او حنجرة  فلانة، لكن الطريقة التي نظم بها المنظمون الفرق فيها مسخ وتشويه للتراث الأصيل  ويجب الحفاظ على هذا التراث المادي واللامادي بشكله التقليدي الطبيعي التلقائي  دون تشويه او تحريف، وقد انطبق على المنظمين مثل مشية الغراب الذي رغب  تقليد مشية الطاووس فنسي مشيته القديمة التي جُبِل عليها وبدأ يقفز  في سيره " ، فقد  رغبنا تقليد سمفونيات الغرب في الوقت الذي عجزوا فيه هم  تقليدنا  في تراثنا  ،فأرادوا ان نسود  بهم ونغير تراثنا لنكون مثلهم وذاك غير ممكن، فتراثنا هويتنا وشرفنا وعزنا... وفي صناعة المنظمين  طمس   ومسخ وفسخ وسلخ للهوية الامازيغية الأصيلة.

الذي اعتبره المنظمون حدثا في أحيدوس  فقد ضلوا السبيل  به لأن هذا الفن لم يوجد في الأصل من أجل الصنعة ، وقد " كرَّهوا " الحاضرين والمتتبعين لهذا  الفن الشعبي المغربي المبني على التلقائية ،فالمهرجان يجب أن يشتغل على إيصال ثقافتنا المغربية  كما هي، والتي سُدنا بها لسنوات في وجه الآخرين  ،بدل أن ندخل ثقافة  غريبة على أصلنا تمس من هويتنا وكرامتنا ،فالسمفونية أفسدت الذوق  وأبعدت الحضور عن الهويته ،ولا لمسخ التراث المادي واللامادي للمغاربة  من أجل ارضاء الغير.


ولنشاهد الفرق بين الصنعة والتلقائية حين انتهى الثمثيل بالسمفونية التي مجدها الكثير، واعتبروها الحدث حين نزل أعضاء الفرق للجمهور وكسروا القيد فاندمجوا مع اللمتفرجين فأحسوا بالحرية، وعادت الحركة للعادي والمألوف، بانشراح كبير وبأريحية متأصلة، وشاهدوا الفرق أيها المنظمون ويا أيها المجتهدون في نقل التراث بالمسخ  لتدركوا أن فن أحيدوس غير ما تعتقدون، فهو لا من  سمفونيات موزار ولا من سمفونيات بتهوفن، بل هو من الشعب للشعب، ولاحظ الفرق أيها المتتبع  حين اختلط الفن والذوق بالبساطة.