أحمد بيضي - خنيفرة / متابعة
 
في تصعيد جديد، نفذ “ضحايا الحركة الانتقالية” بخنيفرة، يومه الثلاثاء 18 يوليوز 2017، مسيرة سلمية إقليمية، انطلاقا من مديرية التربية الوطنية صوب مقر عمالة الإقليم، حيث تحدوا الحصار الأمني، الذي نزل منذ الصباح الباكر، وتمكنوا من تكسير قرارات “المنع الاحتجاجي”، حيث صبوا سخطهم واستنكارهم على وزارة محمد حصاد لاستهتارها بالقانون وضربها لحقوق وكرامة أسرة التعليم، ونددوا بمهزلة التدبير العبثي للحركة الانتقالية خارج قاعدة الإنصاف والعدل، كما لم تتوقف حناجرهم عن رفع شعارات تطالب برحيل وزير التربية الوطنية، محمد حصاد، تعبيرا عن غضبهم مما ستؤول إليه أوضاعهم الاجتماعية والمهنية في حال التغاضي عن حل الأزمة التي لن ستنعكس سلبا على أدائهم المهني، والمؤكد أن يصيب الدخول المدرسي المقبل بالتعثر والتوتر.
ولحظة عودة المحتجين بمسيرتهم الاحتجاجية إلى نقطة الانطلاق، فوجئوا بالقوات الأمنية تحاصر مداخل المديرية، وتمنعهم من ولوجها، الأمر الذي جعلهم يرفعون أصواتهم ضد سياسة العسكرة الأمنية لمديرية تعنى بالشأن التعليمي، ووعدوا بالمزيد من التصعيد، قبل التقدم بكلمة للتنسيق النقابي التي استعرضت البرنامج النضالي وآفاقه، والإعلان عن الاستمرار في الاحتجاجات إلى حين تتحقق المطالب العادلة والمشروعة.
 
وكان المحتجون قد “اقتحموا” بهو المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بخنيفرة، صباح الاثنين 17 يوليوز 2017، ما جعل كل المؤشرات تؤكد على أن حالة الاحتقان قد أخذت مسارا تصعيديا قد يصعب التكهن بتداعياته ونتائجه، إذ تعيش الساحة التعليمية بالمدينة، منذ حوالي أسبوعين، على إيقاع غليان يومي إثر تواصل احتجاجات المتضررين والمتضررات من عملية الحركة الانتقالية، والذين رسموا صمودهم دون كلل أو يأس، وهو الوضع الذي جعل المديرية الإقليمية تستمر في إغلاق بابها الرئيسي إلى أجل غير مسمى، وتتحول حرمتها إلى “محطة” للبوليس والمخازنية والقياد، وقد تمخض البرنامج النضالي وأنجب تنسيقية عبرت عن انخراطها القوي في السخط العارم لنساء ورجال التعليم إزاء الطريقة الانفرادية العبثية التي تم بها تدبير عملية الحركة الانتقالية من طرف وزارة محمد حصاد، دونما أدنى اعتبار للسلم الاجتماعي والاستقرار النفسي لفئات واسعة من أسرة التربية والتكوين.
 
وخلال عملية “الاقتحام” التي شهدها بهو المديرية الإقليمية، صدحت حناجر المتظاهرين بمجموعة من الشعارات والكلمات القوية التي نددوا فيها بمهزلة الحركة الانتقالية وما آلت إليه المنظومة التعليمية من انتهاكات وانتكاسات، وطالبوا برحيل الوزير محمد حصاد، في حين اقترح بعض الغاضبين تنظيم مسيرة على الأقدام باتجاه الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، ومن خلال قرارات التصعيد، كانت تنسيقية النقابات التعليمية الست بخنيفرة قد أصدرت بيانا مشتركا دعت فيه كافة المتضررات والمتضررين، الذين لم تسند لهم مناصب، إلى الامتناع عن حضور الجلسة العامة ومقاطعة تعبئة أية وثيقة”، مع “التشبت بمضامين المذكرة الاطار 15/056 المنظمة للحركات الانتقالية” والحضور المكثف في كل الوقفات الاحتجاجية اليومية التي تعلن عنها التنسيقية النقابية.
 
وفي خضم الغليان الذي تعيشه المديرية الاقليمية بخنيفرة، فات لهذه الاخيرة أن شهدت، يوم الاثنين 10 يوليوز 2017، وقفة احتجاجية حاشدة، تلبية لنداء ست نقابات تعليمية إقليمية، قبل الدخول في اعتصام إنذاري، في اليوم الموالي، الثلاثاء 11 يوليوز 2017، بذات المديرية، من الساعة العاشرة صباحا إلى الساعة الرابعة بعد الزوال، وهي المعركة التي لم تمر بسلام أمام التدخل القمعي الذي جرى بقيادة عناصر أمنية وقائد مقاطعة، بطريقة استفزازية بائدة تم بها نزع الاغطية الواقية من الشمس من على رؤوس المعتصمين، رغم الحرارة المفرطة والبالغة حوالي 44 درجة، وذلك في محاولة فاشلة لفض الاعتصام دونما أدنى احترام لكرامة المعتصمين الذين كانوا لحظتها يتناولون وجبتهم الغذائية، وقد تراجع المقتحمون أمام عاصفة الشعارات والهتافات الغاضبة التي قررت نهج خيار التصعيد.
 
ومعلوم أن ست نقابات تعليمية، وهي الجامعة الوطنية لموظفي التعليم (ا.و.ش.م)، الجامعة الحرة للتعليم (ا.ع.ش.م)، الجامعة الوطنية للتعليم (ت.د)، النقابة الوطنية للتعليم (ف.د.ش)، النقابة الوطنية للتعليم (ك.د.ش) والجامعة الوطنية للتعليم (ا.م.ش)، كانت قد عقدت اجتماعا طارئا، مساء الجمعة 7 يوليوز 2017، في السياق المتسم، حسب البيان المشترك، ب “التوتر والإحساس بالحكرة، إثر إعلان الوزارة الوصية عن نتائج الحركة الانتقالية، الوطنية والجهوية، والتي أبت هذه الوزارة إلا أن تجعلها آخر مسمار يدق في نعش ما تبقى للشغيلة التعليمية من حقوق ومكتسبات”، على حد ذات البيان.
 
وخلال اجتماعها التنسيقي، ناقشت النقابات المذكورة “ما باتت تسعى إليه الوزارة الوصية من تضييق وإذلال للشغيلة التعليمية عن طريق سياسة فرض الأمر الواقع، واعتماد مقاربة وزارة الداخلية في تدبير الشأن التعليمي، متناسية ما يعرفه قطاع التربية والتعليم من خصوصيات تربوية وتعليمية وحقوقية”، يضيف التنسيق النقابي في بيانه الذي أعلن فيه بالتالي عن “استنكاره المطلق لما وصفه ب “التدبير الأحادي للحركة الانتقالية في جميع مستوياتها، ولإقصائها الخطير للمحليين من الحركة الوطنية والجهوية، في خرق سافر للمذكرة الإطار عدد 56 الصادرة بتاريخ 6 ماي 2015″، ولم يفت التنسيق النقابي، في ذات بيانه المشترك، التعبير عن “رفضه الشديد لنتائج الحركة الانتقالية الوطنية والجهوية الصادرة بتاريخ 6 يوليوز 2017، مع دعوة الوزارة الوصية للتراجع عنها، وتحميل الجهات المختصة المسؤولية الكاملة وراء تداعيات التدبير الانفرادي والعبثي لملف الحركة الانتقالية.