زايد جرو + سعيد وعشى - الرشيدية / جديد انفو
من زار السجن مرة في العمر يدرك قيمة الحرية وقيمة الحياة ولو مرة، والسجن ليس هو الجدران الأربعة، وليس الجلاد ولا التعذيب، بل هو الخوف الرهيب من فقدان الحرية للأبد ،والتخوف من غموض الآتي بعد انتهاء مرحلة السجن و السجان ، الشوق فيه يزداد واللهفة تعصر السجين، وتزداد الرغبة في معانقة أي شيء خارج الاسوار، حيث تبدو الايام وكأنها صورة نمطية يومية تتكرر.
كل وظروف اعتقاله بالسجن المحلي بالرشيدية ووراء كل شخص سجين حكايات وقصص، فصولها متشابكة و متداخلة ومعقدة، وقلما تجد من المساجين من يقر بانه حقا مقترف لذنب عظيم الا في القليل النادر، وقد تغيرت وضعية السجون كثيرا في المغرب وربما انتهى عهد الجلاد والجلادين والزنازن المرعبة مقارنة مع سنوات عهد الرصاص والجمر احتراما لبنود حقوق الانسان والاتفاقيات والمواثيق الدولية، وفي زيارة قناة "جديد انفو" للسجن المحلي بالرشيدية في إطار الاحتفالات بتأسيس المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج يوم الخميس 27 أبريل 2018 أجرت القناة حوارا حول وضعية السجين والتأهيل الذي تبنته الادارة والدولة من أجل الإصلاح والإدماج والاندماج بعد سنوات من الاعتقال.
في تصريح لأم سجينة مكلومة شربت من الغصة الكؤوس الدهاق عبرت عن رغبتها الاكيدة في اعتناق الحرية والعودة لبيت الاسرة ودفء الابناء، وأقرت ان فترة السجن الراهنة فعالة وايجابية فيها حاربت الامية وتشبعت بالدروس الدينة والشحنات الروحية وتعلمت الخياطة، وهي المهنة النسوية التي يمكن ان تدر عليها الكثير خارج الاسوار فشكرت كل المتطوعين من اجل خدمة السجين حتى لا يبقى الزمن ثقيلا، ويحس الفرد بانه لا فرق بينه وبين من يوجد في العالم الخارجي غير وضعية الاعتقال، فالهدوء النفسي واحساس السجين بانه يفعل او يصنع شيئا ما، فذاك جزء من التنمية الذاتية والتكوين الشخصي الذي يرفع صاحبه درجات تقوية ليمر الوقت بشكل طبيعي فتتحول حياة السجين حياة انسان عاد على مر الايام، الام تحترق داخليا وذاك احساس طبيعي لأنها أم، انجبت اكبادا وتركت فراخا هم هناك في حاجة لحضن الام وقهوة الام وخبز الام ولمسة الام وثقلهم اثقل من وضعها وحالها وهي الآن بين الجدران تعد الايام والساعات بين اهالي جدد وجيران جدد جمعتهم ظروف الاعتقال.
وفي حوار مع طالب قصته من نوع اخر حكى بعضا من تجربة الاعتقال التي لم تكن منتظرة، وحاله افضل بكثير من حال الكثير خارج الاسوار، نقي الملبس بوجه وضاح وفي مكتبة نظيفة كتبها مرففة تغري بالقراءة والعزلة من اجل الصديق الكتاب الشاب من النوع الذي يرغب في معانقة الحياة من جديد وبشكل احسن يواصل دراسته العلمية ويقبل على المكتبة بشكل كبير ورغبته اكيدة في الحصول على شهادة البكالوريا يطالع باستمرار ويصلح حال الاخرين الذين لم يلجوا المدارس قط يتعاون مع صديق لهبنفس غير منكسرة وبعزيمة قوية لا تفتر .
السجناء تغير حالهم كثيرا بالمغرب بين عهدين مختلفين، وسياسة التأهيل بالسجن المحلي بالرشيدية قوت العزائم كثيرا ومنحت الفرص للسجناء ويجب ان يستغلوا وضعية اعتقالهم في التأهيل وان ينخرطوا في المشاريع الذاتية للانداج لاحقا في المجتمع المدني الواسع المعقد بدوره بعد مغادرة الاسوار ومعانقة الحرية.
واليكم الحوار بالفيديو ..