أحمد بيضي
 
بعد حوالي سنتين من الترصد والبحث، تمكن أفراد الدرك بواد إفران، إقليم إفران، من توقيف مجرم خطير، من ذوي السوابق القضائية، لتورطه في ارتكاب سلسلة من جرائم اختطاف واغتصاب مجموعة من النساء، واحتجازهن بالغابات، في ظروف رهيبة لم تتمكن السلطات الأمنية من فك لغزها، ولا الكشف عن رؤوسها، وكل واحدة من المختطفات كانت تعود لبيتها وتحكي عن ظروف احتجازها دون تحديد هوية مختطفيها، بينما الكثيرات الأخريات يكنّ قد كتمن تعرضهن للاختطاف، أو فضلن عدم اللجوء إلى السلطات الأمنية، خوفا من تناسل الشبهات والإشاعات حولهن بالنظر للأعراف والتقاليد المعروفة على صعيد المنطقة المحافظة.
 
وأبرزت مصادرنا أن الإيقاع بالمجرم الخطير (ك. م.) قد جاء بناء على معلومة مؤكدة وردت على مصالح الدرك من طرف بعض الساكنة، ليقع التدخل الأمني، يوم الثلاثاء 26 يونيو 2018، ويتم اعتقال المعني بالأمر ببيت والده الكائن بضواحي قرية واد إفران، وتحديدا بمنطقة “بوسراف”، حيث كان غارقا في النوم، وحاول عبثا مقاومة فرقة أفراد الدرك الذين كانوا متنكرين في هيئة حصادين، علما أن موجة من الانتقادات عاشتها مصالح الدرك والسلطات المعنية بسبب عجزها في الوصول إلى المعني بالأمر الذي زرع الرعب في أرجاء المنطقة، مذكرا الساكنة بأسطورة “بولوحوش” الذي ما تزال قصته راسخة في الأذهان.
 
وكانت المنطقة قد عاشت على إيقاع مجموعة من أعمال اختطاف النساء، ومنها عملية اختطاف مواطنة بالقوة من منزلها ب “بوسراف”، وأمام مرأى من أفراد أسرتها، وهي بمعية طفلتها الصغيرة التي لا تتجاوز ربيعها الثالث، ولم يظهر لها أي أثر إلا بعد مضي حوالي شهر ونصف، كما لم تتمكن من إفادة رجال الدرك في شيء، أو دلهم على أوصاف مختطفها، وكم كانت المأساة مؤلمة حين ظل زوجها يعاني مرارة ما تعرضت له زوجته إلى أن وافته المنية بعد أقل من أسبوع عن الحادث المروع المصحوب بأحاديث حول تعرض الزوجة لأفعال قبيحة على يد المجرم المذكور.
 
وبعدها، عادت منطقة واد إفراد لتستيقظ من جديد على نبأ قيام المعني بالأمر بتزعم هجوم مروع على أسرة متكونة من أربعة أفراد بمنزل قروي منعزل، وتعريض رب هذه الأسرة المسن وزوجته للتنكيل والتعنيف، قبل اختطاف ابنتهما المطلقة (32 سنة)، والسطو على مبلغ مالي وبعض الأغراض، وإثرها نقلت الأم، في حالة حرجة، صوب مستشفى أزرو لتلقي الإسعافات الأولية، قبل ظهور ضحية الاختطاف وهي في وضعية صعبة، ولم يكن مرتقبا أن تجد المنطقة نفسها مرة أخرى أمام عملية اختطاف زوجة شخص مكفوف، واللجوء بها إلى كوخ بأعالي الغابة، واحتجازها لمدة أربعة أيام قبل الإفراج عنها تحت ضغط البحث عن المجرم باستعمال الكلاب المدربة، إلا أنه عاد ليختطف امرأة رابعة، في مقتبل العمر، على الحدود مع إقليم خنيفرة.
 
وعقب اعتقاله، تم وضعه تحت الحراسة المشددة بالنظر لخطورته، وهو الذي احتضنته السجون لأزيد من ثمان سنوات متفرقة في قضايا مختلفة، وتمت مواجهته بضحاياه من النساء اللواتي تعرضن للاختطاف، ليعترف بالمنسوب اليه، وأنه قام بما بأفعاله انتقاما من سكان المنطقة الذين كانوا سببا في اعتقاله خلال أوقات سابقة، في حين أشار لمجموعة من الأشخاص عن طريق اتهامهم بالمشاركة في أعماله الإجرامية قام الدرك باعتقالهم جميعا وإحالتهم على القضاء، ليتبين، من خلال بعض الشهادات والتحريات، أن اتهامهم من طرف المعني الأول لم يكن إلا محاولة انتقامية لكونهم كانوا يساعدون السلطة في البحث عنه، فتم تمتيعهم بالسراح المؤقت، مع احتمال إعادة النظر في ملف شخص يوجد رهن الاعتقال، منذ أشهر طويلة، في إطار القضية.