أحمد بيضي - خنيفرة / جديد انفو

لا تزال تداعيات “حريق مقبرة كهف النسور”، ترخي بظلالها على أجواء المنطقة، وقد خلقت استياء واستنكارا عميقين بين أوساط المواطنين الذين حجوا للمقبرة من أجل معاينة قبور ذويهم المتوفين، فاكتشفوا أن ألسنة النيران قد التهمت عددا كبيرا منها، إذ لم يكن “الحريق” بفعل مجهول، بل حدث بفعل أحد أو بعض المنخرطين في حملة نظمتها إحدى الجمعيات المحلية لتطهير المقبرة، والذين فكروا في التخلص سريعا من الحشائش والأعشاب اليابسة بواسطة النار، ولم يكن في حسبانهم أن ألسنة اللهب ستمتد إلى مساحات واسعة من المقبرة، نتيجة ارتفاع درجة الحرارة.

ووفق مصادر من بعض عائلات الموتى، فإن موجة الحريق أتت على “عدد كبير من أسماء موتاهم، المكتوبة أو المنقوشة على اللوحات الموضوعة فوق القبور، كما أخفت الكثير من الشواهد والمعالم والآثار”، وهو ما اعتبرته الجمعية “تضخيما لا علاقة له بالحقيقة”، بينما شددت العائلات المعنية بالأمر على مطالبة الجهات المسؤولة بالتدخل لفتح تحقيق في الموضوع وتحديد المسؤوليات وراء “الفعل غير المقبول”.

وبينما لمح أحد المواطنين لوجود تحركات تسعى إلى احتواء غضب عائلات الموتى ب “التبريرات” و”المساعي الحميدة”، تحدث البعض عن مواطن اختار وقت صلاة الجمعة، بأحد المساجد، لاستنكار “واقعة المقبرة” فتم تهديده بالقضاء، ولم يتسن للجريدة حينها الإنصات لرأي الجمعية التي دعت إلى تنظيف المقبرة، وأخذ أقوالها في ما وقع.

وعلاقة بالموضوع، اضطر رئيس الجمعية الداعية لتنظيف “مقبرة كهف النسور” وتعرضت للاحتراق، إلى الخروج ب “توضيح”، أكد ضمنه أنه “بعد طرح فكرة تطهير المقبرة من الأعشاب الكثيفة، ظلت الفكرة حبيسة مواقع التواصل الاجتماعي، منذ فصل الربيع الماضي، إلى حين جددت الجمعية، خلال الأسبوع الأخير من يوليوز 2018، دعوتها إلى تفعيل الفكرة والمشاركة في تطهير المقبرة من الحشائش والأعشاب التي يبست وأغلقت مسالك القبور، وتقدمت في شأن ذلك بإشعار للسلطات المحلية، على أساس “أن الجمعية ستقوم بهذه العملية تجنبا لأي حريق محتمل، وتسهيلا لزيارة القبور”، ما يدل على “نية الجمعية في عدم اللجوء إلى النار”، على حد لسان رئيس الجمعية.

وفي ذات السياق، أفاد رئيس الجمعية (جمعية النسور للبيئة والتنمية)، أنه “في اليوم الأول من العملية تم التمكن من تطهير مساحة مهمة من المقبرة، مستعينين بمعدات وأدوات مهمة من الجماعة القروية، وبفريق عمل يتكون من متطوعين ومأجورين”، وفي اليوم الثاني “اقترح أحد المأجورين إمكانية استعمال النار في جزء خال من القبور لأجل تسهيل العمل، فتم منعه من تنفيذ فكرته، احتراما لحرمة المقبرة وضمانا لأجرة عمل المأجورين”، ليفاجأ الجميع بألسنة النيران وهي تتصاعد وتلتهم الجزء المذكور من المقبرة، لتمتد إلى ما تبقى من المقبرة دون أن تلحق أضرارا بالقبور (وهي قديمة أصلا)”، وذلك رغم “محاولة الجميع محاصرتها إلا أنها كانت قوية”، يضيف نص التوضيح.

وبينما أكد موضوع الحريق، نفى رئيس الجمعية أن تكون عناصر الإطفاء قد تدخلت لإخماد هذا الحريق بل “أنها لم تصل الا بعد تمكن المتطوعين من احتوائه” بعد تنفيذ الشخص المأجور فكرة الحرق بحسن نية، في حين لم يفت الرئيس اعتبار موجة الغضب التي عاشتها البلدة إزاء “حريق المقبرة” مجرد “زوبعة” من إبداع من وصفهم ب “المشوشين الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء معاينة ثلاثة أيام من الاشتغال عوض إصدار الأحكام الغيابية الباطلة حول عمل إنساني جمعوي”، حسب قوله، وبينما تصر عائلات الموتى على التمسك بموقفها، لا تزال “نازلة الحريق” قائمة بينهم وبين الجمعية في أجواء متوترة لا أحد يعلم متى وكيف ستنتهي.