محسن الاكرمين - مكناس / جديد انفو

لا شك أن طرح قضية المهرجانات بمكناس ليست بالصيغة الفريدة التي ممكن تناولها كمقبلات أولية باللذة المطلوبة، بل هي إشكالية ثقافية تحفر خنادق النقد الايجابي الحصين من كل التأويلات الجانبية، كما تؤسس مسالك طريق ولو بالمنعرجات الغائرة لأجل ملامسة صورة أفضل لمهرجانات مدينة.

الواقع أننا بمكناس لازلنا لا نميز بين البهرجة المحدثة لضجيج وجود مهرجان ما، وبين قضايا التنمية والتخطيط السليم للفعل الثقافي والفني بالمدينة. اليوم سأقبل الاستعانة بالموازنة في التحليل بين مسألتين، الأولى مسألة الاحتفالية والانتقال من مقترحات تنويع المواسم إلى مشاريع المهرجانات الكبرى و احتضانها بالدعم والمساندة ولم الإدارة، والمسألة الثانية بيان وجبة الفقر الثقافي والفني في المهرجانات المقامة بمكناس.

أصعب إشكالية توثق حركتنا بحبال كفاف الإبداع المعرفي، حين لا نستطيع الإجابة عن أسئلة بسيطة، ماذا نريد من الثقافة والفن بمكناس؟ وهو سؤال الذي يهم صناع المهرجانات المتناسلة، هل سألنا عن احتياجات المواطن بمكناس  من نوعيات الثقافة والفن؟، وهو السؤال المرتبط بتخطيط مؤشرات المهرجانات و معايير المواد المقدمة، وأخيرا ما هي القيمة النوعية التعددية المضافة لهوية مكناس من تلك المهرجانات ؟، وهي وضعية تقييم نتاج تلك المهرجانات، والتي لم يقدر أحدا من منظمي المهرجانات بمكناس الاشتغال عليها.

الأسوأ عند التفكير في بناء أجوبة عن تلك الأسئلة غير البريئة أصلا، والبحث عن مكامن الخلل والصواب في تلك المهرجانات، نقف على كلام تفريط يلقي بنا نحو التعميم، ونقول، كل تلك المهرجانات المقدمة بمكناس عرجاء بدون ياء النسبة، لكن سفسطة القول الثاني تميل إلى ترك مساحة ضيقة للاستثناء.

ليكن منطلقنا احترام ذكاء القارئ، ومستهلك فقرات برامج المهرجانات المكدسة، ونعترف صراحة بأن لكل المهرجانات بمكناس رسائل سياسية، وثقافية/ فنية، واقتصادية/ سياحية معلنة بخلفية صناع أي مهرجان. هي رسائل تحمل البصمة الجينية لصناع المهرجانات ضمن صيغة صغرى تستكين إلى مموه  إسعاد الجميع بفرحة فرجة حتى ولو كانت رخوة و بئيسة.

للأسف كل المهرجانات فشلت في خلق فضاءات لحركة تنشيط التربية والثقافية والفن، فشلت حتى في تنمية سلوكات نموذج مستهلك للثقافة والفن الرزينين. كل المهرجانات تتسابق على تقديم وجبات الغناء السريعة بكل أنواعه أطيافه الموسيقية، كل من سألت من صناع المهرجانات بمكناس تكون إجابتهم سليمة و متوافقة مع غاياتهم من سلسلة المهرجانات ، ( نحن نحارب االكآبة التي يعيشها المواطن المكناسي، نحن نحس بالتوتر النفسي الذي يسكن المواطن المكناسي ونعمل على إزاحة نسب منه بأنشطة المهرجان الغنائية والفكاهية، نحن حقيقة نلعب على هدر زمن التنمية الذكية للمدينة، نحن نقوم بصناعة أشكال الالهاءات والتنويمات الهامشية ، نحن نصنع مواطنا مستهلكا للفرجة وغير مساهم فيها لا بالتفكير، ولا بالرأي... ).

العلاقة بين مستهلكي بضاعة المهرجانات، وصناع المهرجانات غير سوية بتاتا، وأضحت علاقة نشطة ومفبركة  من خلال منصات الغناء الموزعة بشكل التمايز والنوع الاجتماعي، بشكل الدعوات المفتوحة في الهواء الطلق البارد، والدعوات الملونة بقاعة العرض الوحيدة بمكناس، أمست علاقة ضحلة حين يساوم صناع المهرجان الجمهور القاصر بأسماء المغنين الكبار للحضور بكثافة.

(يتبع)