زايد جرو – الرشيدية / جديد انفو

كلما شعر الصرار بدفء الشمس إلا وعزف على قيثارته من الصباح حتى المساء ،بها يلهو طول النهار وبها يستمتع طول الليل ، والنملة بجانبه  تحمل الثقل والأثقال منهمكة في جمع  حبوب القمح والشعير لبرد الشتاء ، أثار تعب النملة الصديق الودود الصرار وامتلأ غيظا من كدها وتعبها وأراد الاشفاق عليها بالنصح وأخذ نصيب من الراحة والاستمتاع بالحياة قليلا، لكن حكمتها كانت ذات رؤى مستقبلية عميقة لينتهي الصراع القيمي : بحكمتها من كان يغني في الصيف فليرقص في الشتاء.

القيمة الأخلاقية التي تم تلقينها للصغار والكبار هي التفكير في المستقبل ،وأخذ العبر من التجارب ومن تقلبات الدهر والفصول، وبناء تصور مستقبلي للحياة  قوامه  الكد وتخزين الأبيض لليوم الاسود وغيرها من القيم.

القيمة المجتمعية الحالية منحت  للفنان الصرار ول " كمنجته " ولموسيقاه ما لم تمنحه للنملة المسكينة،وهي صورة حية للكثير من رجال القيم والمشتغلين في الحقل الثقافي الذين تشبعوا بعمل النملة وجدها وكدها ،فأصبحوا من الماضي القيمي المتجاوز وهم رجال ونساء متخلفون  في عصر يحركه التزلف ول " لْحِيس الكابّا" و"الجعبة  "و" التجعيب" ، فلو اشتروا كمنجات  من زمان وصعدوا  المنصات وغنوا الردئ الساقط ولو بصوت مبحوح ، لأصبحوا  الآن في أعلى عليين يتحدثون في المقابلات التلفزيونية الوطنية والدولية عن الفن بانه إرث متأصل  من العائلة وان الشطحة إرث من شطحات الجدات وان العيطة و"تماويت "  إرث مغربي  عريق  وثقافة تسري  في دم كل المغاربة.

سهرات الكمنجات على القنوات في الصباحيات والمسائيات يتبادل فيها الكمنجيون  والكمنجيات أحلى العبارات بلباس انيق و"لوك " خاص وتبقى النملة المثقفة المسكينة تتفرج على الصرار مرغمة متحسرة على الزمن الردي وتفكر على الدوام  في بيع كل ما  خزنته من حبوب وما ورثته  من كتب  في النصح والإرشاد لبناء مدارس ومعاهد  تلقن فيها دروس صفية  في الشطحة منذ الصغر ويتخرج  منها أساتذة شطاحون وأستاذات شطاحات  لبناء  شباب مغربي  ينافس الهنود والأفارقة مستقبلا  في كل الشطحات.