زايد جرو - الرشيدية
هم عمال متخصصون في بناء الجدران الطينية تسميتهم تختلف من مكان لآخر بين "الركازة" أو" إركازن" أو" آيت التابوت" يحفرون الأرض بالفؤوس بعد ريها ولما تعود ندية ينقلون ترابها الطري بالبهيمة حتى ورشة العمل، ويحملون هذه التربة المائلة للسواد أو الحمرة بقفة من سعف النخيل فوق ظهورهم حتى الأعلى، لتُرمى بين لوحين خشبيين مشدودين إلى ركائز خشبية بالجانبين والوسط، ويبدأ المتخصص بدكها دكا قويا بما يسمى ب " "المَرْكزة" أو" المركز " ولا يهم التذكير أو التأنيث في الاسم فالاختلاف في النطق حسب لغة الأهل، المتراوحة بين العربية أو الأمازيغية...
رجال محترفون يؤتى بهم بداية الأمر من تافيلالت العامرة التي اشتهرت بالقصور والقصبات ليتنقلوا عبر السفوح الشرقية ليتتلمذ على أياديهم رجال آخرون أتقنوا الصنعة، فساهموا جميعا في البناء المعماري المغربي الأصيل بتودغى ودرعة ومراكش وسوس وفاس ومكناس ووجدة ليصلوا حتى أحواز وزان وكل المدن العتيقة الحالية التي كانت مراكز حضارية في السابق. وقل ّ من يهتم بأمرهم أو بشأنهم، يعملون تحت حرارة شمس تحرق الجلود طول النهار صيفا بأجر بسيط وبخبز دافئ وجرعة شاي قد يجود بها صاحب البيت وهم برزقهم الحلال قانعون راضون بما قدر الله وما وهبه لهم من صحة وصبر، و لم يعرفوا شيئا اسمه الضمان الاجتماعي ولا التقاعد، بنوا المساكن والقصوروالقصبات، ولما اكتملت جمعوا أقفافهم و "زنابلهم " وألواحهم ولم يستمتعوا أبدا بظل ما بنوا وأجرهم عند الله عظيم، لكن ما يُخفف قساوة عملهم في البناء هوترديدهم طوال اليوم كلمة: الله، حي الله .. عدة مرات والمصاحبة لأي ضربة من" المركزة" لتدك التراب الندي ليصمد سنين طويلة أمام تقلبات الدهر.