زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو

الجنوب الشرقي عرف تساقطات مطرية وثلجية بداية الموسم الفلاحي ارتوت بها الأرض اليباب لشهور معدودات،فابتسمت بأثرها  النباتات وهلّ بها محيا الناس ، الساكنة عانت من حجم هذه التساقطات، وانحصرت بين الوديان والجبال، وتكبدت خسائر بالجملة، فصبرت حيث لا سلاح غير كتم الغيظ ...وحظ المرأة في هذا الوضع المزيد من التعب لأن الواحة  تفرض الاستيقاظ المبكر قبل صياح الديك، من أجل جلب بعض الأعشاب للماشية التي لم تأكل الطري منذ مدة  بعد شهور متتالية شح فيه المطر صيفا كالعادة .

ومن جديد عاد الجنوب الشرقي للبدء  من القحط وعاد الزمن لأخذ ما وهب ،فكُسيت الأرض يبوسة  وعلا الغبار السماء وما ازدادت الواحة إلا عطشا   ...والنساء ما تزلن تتجهن  صوب الحقول  للبحث عن حمل ثقيل فوق ظهور  منحنيات  لمسافات طوال وبأحذية بلاستيكية،ولم تفكرن أبدا في بريق البشرة،أو صباغة الأنامل، أو الحفاظ على نعومة الكفين، أو النوم حتى الضحى، بل هن مستسلمات للوضع الطبيعي  القاسي، ورغم النفسية المنكسرة والملل والغضب فهن صابرات تحت مظلة التهميش وخبْز  خبزِِ " بلديّ " لرجال المستقبل بالمغرب العميق.

شحت الامطار وشاخت النساء أنتظارا  وعياء فتوقفن للحظة من أجل اعادة قراءة "الطالع" وأخذ نفس وشحنة لهزم اليأس في انتظار ان يشب " العيال " ليتجدد الأمل بعودة الفينق ويحترق  لتنبعث من رماده  حياة أجمل ولو في عمرمتأخر...