زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو

يوم الجمعة قبل الصلاة  أو بعدها أو بعد صلاة التراويح بالرشيدية وتنغير وبكل جهة درعة تافبلات  تصادف  في  الطريق شيوخا  يفترشون الأرض ويلتحفون السماء  تحت البرودة العالية أو الحرارة المفرطة عظامهم عاجزة عن تحمل اللسعات التي تطوف بها الرياح اللاطمة للوجوه فتبحث عن زاوية منسية للاختباء أو تلتصق بجانبك في الصلاة بحثا عن الرحمة والدفء.

هم رجال ونساء كسر الذل جناحهم وطوى الزمان سواعدهم ينتظرون عطف وحدب المارة التي قد تجود  ،يسقطون يوما بعد يوم ،وهم  بالكاد ينطقون، بكلام ضائع وعبرات غير مستقيمة ، يلبسون أشياءهم  بمرارة  وحين يرحل النهار يبحثون  عن مصالحة المحال علهم يخرجون من دائرة الزمان ومن دوارة التيه والتسول، هم شيوخ يحملون حكاياتهم متسترين وعلى ألسنتهم أكثر من سؤال، لم يختاروا الطلب والسعاية عاشقين أو راغبين ،بل قلة اليد وعصف الزمان ورحيل سفينة العمر بين أمواج عاتية ،قاسية ...،قد تكون حكاية البعض منهم رحيل الأبناء، وقد يكون الفقر المتوارث وقد يكون ضياع كل شيء، بعد أن كان حالهم  كل شيء. هم في وطن  ناسه  مستأسدون  وقاموسهم سكوت ،وجفونهم  بكاء وبقلوبهم قناعة... شاخ معهم الصبر والحزن ،ومملكتهم  في هذا الوطن صمت وانكسار..

ففي مثل هذا العمر يحتاج الأب الشيخ لسماع صوت ودفء الخلف لتجنب التلف ، لكن الغيوم سافرت بهم  فشردت  الأعمار والسنين  فحنت الشوارع بالمعاطف  والمخالب ،فهم لا  يبحثون إلا عن يد جوادة " إفطار أو فَطرة العيد"ليأكلوا منها قليلا ويطعموا  ما تبقى من بعضها أبناءهم أو ذويهم ويخزنون التتمة ليوم عسير  ،  ولسان حالهم ينطق : اللهم لك الحمد ،والنعم  اللهم تقبل من الجميع ...فامنح الصدقة والزكاة  لهم نهاية هذا الصيام المبارك واقتلع من قلبك المقت والضنين، ولا تتأفف  فقد يلوي الزمان يدك على العصا  أو يلويها لأبيك أو لأمك وقد تشح الحياة ،وتدور الأيام وقد تكون أنت الشيخ ،وأنت الحال والمحال  والحمد لله على كل أمر وحال.