لحسن ويعبوب - بوذنيب / جديد أنفو

ناقش الطالب هشام بناني بكلية العلوم عين الشق، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء صباح يوم السبت 13 يوليوز 2019، رسالة ماستر تحت عنوان - النمذجة ثلاثية الابعاد باستعمال نظم المعلومات الجغرافية للمغارات الكارستية نموذج "كهف عزيزة" بجماعة وادي النعام ببوذنيب ".
 
وضمن مناقشته أوضح الطالب أن الدراسة التي أعدها، تعتبر أول رسالة بحث تتناول هذا الموضوع بالمغرب، لكنها تعتبر مكملة لدراسات كلاسيكية أخرى أنجزت حول مغارة "كهف عزيزة'' ببوذنيب خلال سنوات 1928 و 1934 و1953 ثم 1982 و انتهاء بسنة 2004. دراسات مكنت من استكشاف أجزاء مهمة من المغارة، حيث توصلت دراسة 1982 إلى استكشاف حوالي 1540 متر من المغارة وانجاز مسح طبوغرافي، فيما توصلت دراسة اجريت 2004 إلى معاينة ووضع خريطة لحوالي 3000 متر، بينما مكنت الدراسة الحديثة التي أجراها الطالب من مسح طبوغرافي متطور لحوالي 3500 متر.
 
وتندرج هذه الدراسة كما عبر عن ذلك الباحث هشام بناني، في سياق عالمي يتميز بتزايد الاهتمام بالموروث الكارستي كأحد الدعامات التنموية والسياحية والتي استطاعت أن تنهض باقتصاد عدة مناطق عالميا، مستشهدا على ذلك بأرقام معاملات ضخمة بكل من الولايات المتحدة الامريكية ولبنان وكرواتيا وتركيا وغيرها من دول العالم. كما جاءت لترسخ هذه الثقافة وطنيا، إذ يعتبر المغرب بلدا يتسم بوفرة التشكيلات الكارستية، حيث تغطي نسبة مهمة من التراب الوطني وتتوزع أساسا في شمال المملكة وفي الاطلسين الكبير والمتوسط، وتتوفر بلادنا على حوالي 941 مغارة مستكشفة مصنفة في دليل وطني، أي ما يعادل 81244 كلم، تتوزع بين مغارات عمودية وأخرى أفقية. لكن رغم ذلك لم يحظى هذا الموروث الطبيعي بما يستحق من عناية في ظل غياب ثقافة الحفاظ والتعريف والتثمين والاستغلال، اللهم بعض المبادرات القليلة والمعزولة والتي عملت على تثمين وتوظيف هذه الاشكال الكارستية خاصة في النشاط السياحي كمغارات: وين تمدوين وفريواطو وأخيام والكرعان وتلمسطان وغيرهن.
 
وعن أسباب اختيار مغارة ''كهف عزيزة'' موضوع دراسته من دون باقي المغارات الاخرى، فقد أجملهما الباحث في نوعين من الاسباب، الاول موضوعي يرجع إلى مميزات وخصائص مغارة ''كهف عزيزة'' خاصة المميزات الهندسية، كالطول والعرض والارتفاع والانحدار وتنوع مساراتها، التي توفر فضاء مناسبا وملائما لمثل هذه الدراسات خاصة وأنها دراسات تتطلب تعبئة معدات وتجهيزات متطورة وموارد مالية جد مهمة ، بالإضافة إلى غنى محتواها الاركيولوجي والاحيائي وتنوع محيطها الثقافي المادي واللامادي، وهو مأ منح للدراسة مرتكزات ومجالات أوسع للتثمين والتسويق.
 
اما السبب الثاني فأعتبره الباحث ذاتيا، إذ رغم كونه مستغور محترف وعضو مؤسس لعدة جمعيات متخصصة في التكوين والانقاذ والتدريب في مجال الاستغوار، وسبق له أن زار مغارات مختلفة في مناطق عديدة من العالم، لم يخفي العلاقة الاستثنائية التي تربطه بمغارة "كهف عزيزة" التي اثارت اعجابه منذ أول زيارة. ارتباط وجداني دفع الباحث إلى زيارة منطقة بوذنيب عدة مرات في ظرف جد وجيز، بل لم يخفي رغبته في إعادة هذه الزيارات واستكمال الدراسات بها خاصة وأن المنطقة تتميز بوجود مغارات أخرى.
 
وحول أهداف الدراسة، فقد جاءت أولا من أجل استكمال الدراسات السابقة وتحيينها وتنقيحها، وتحديد الخصائص الهندسية بشكل أدق، وثانيا لإعطاء المغارة بعدا وظيفيا يبدأ بالتأهيل والتوظيف ويساهم في النمو السوسيو اقتصادي للمنطقة. واعتمد الباحث لتحقيق هذه الاهداف منهجية متكملة ومندمجة تستحضر مختلف العوامل والعناصر التي يمكن أن تتدخل في التعريف وتثمين وتأهيل وتوظيف المغارة، كما استعمال أجهزة جد متطورة لم تكن متوفرة من قبل. وهو ما مكن الباحث من تناول ومعالجة بالدراسة والتحليل ثلاث محاور أساسية.
 
المحور الثاني اهتم بجرد أهم المؤهلات الطبعية، والغنى البيولوجي ونبذة عن التاريخ الأركيولوجي للمغارة وهي مميزات توفر امكان سياحي واعد خاصة وأنها تتواجد في محيط يتميز بالغنى الطبيعي والثقافي ويمكن من عرض وتسويق مندمج ومتكامل لهذا المجال.
 
المحور الثاني، يتعلق بالنمذجة ثلاثية الابعاد باستعمال المسح الطبوغرافي ثلاثي وثنائي الأبعاد بالإضافة إلى التصوير الفتوغرافي ثلاثي الابعاد. نتائج هذا العمل مكنت من توفير قاعدة بيانات ضخمة سمحت للباحث بإنشاء ووضع خرائط دقيقة ومفصلة لكل الاجزاء الواقعة على مسافة 3500 متر، وضع خريطة ذات اسناد جغرافي. سمحت بالتعرف على المورفولوجية الداخلية لكل أجزاء المغارة وبالتالي المساعدة في تدبير اي خطر قد يرتبط باستغلالها او استكشافها.
 
المحور الثالث خصصه الباحث لاقتراح بعض مشاريع تأهيل وتوظيف المغارة ومحيطها، تجعل منها فضاء مساهم في التنمية السوسيو اقتصادية لجماعة وادي النعام ومنطقة ببوذنيب ككل.
 
لجنة المناقشة المكونة من أكاديمين ومتخصصين في مجالات الجيولوجيا، والبيولوجيا والاركيولوجيا وتحليل نظم المعلومات الجغرافية والاستغوار من جامعات الحسن الثاني بالدار البيضاء وابن زهر باكادير و القاضي عياض بمراكش، نوهت واشادت بموضوع الدراسة وأهدافها والادوات والمنهجية التي اعتمدت عليها، خاصة وانها تعتبر من المواضيع المجددة في المنهج و الادوات المستعملة. واعتبر المتدخلون من اعضاء اللجنة أن الدراسة ستشكل خارطة طريق لتأهيل باقي المغارات الكبرى بالمغرب وستشكل تجربة نموذجية يمكن تعميمها. كما أن نتائجها ستكون بمثابة سند ومرجع للباحثين في مجال الايتغوار والتنوع الاحيائي للمغارات وللمتدخلين في الانقاذ والاخلاء.
 
في منطقة كبوذنيب عامة وجماعة وادي النعام خاصة، هذه الدراسة ستشكل مرجعا ببليوغرافيا للطلبة والباحثين المهتمين. ويعتبر الاطلاع على هذه الدراسة بالنسبة للقائمين على تدبير الشأن العمومي، سواء المنتخبين او المتخصصين في مجال السياحة وإعداد التراب والتعمير، فرصة لمواكبة البحث العلمي واستثماره من أجل خلق تنمية مندمجة وتنويع العرض التنموي للمنطقة وتقوية تنافسيته في سياق يعرف تنزيل متسارع للجهوية و اللاتمركز الاداري والمالي وما فرضه من منافسة بين مختلف الجهات والجماعات في التسويق الترابي وجلب الاستثمار.