زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو

 الباحث المتتبع للمهني المشتغل في صناعة الفخار بجهة  درعة تافيلالت من خلال أوراش الاشتغال  ب "موي"  بتديغوست او ب "تمكروت " بزاكورة ،او حارة اليمين بتنغير، او قصر السيفا بالريصاني ، سيدرك  أن وضع ذاك الحرفي لا يشرف  المكانة  الاعتبارية التاريخية لجهة متأصلة بمعمارها الطيني والخزفي الضارب في القدم،  والزائر لورشاتهم سيدرك أن الحياة حقا ليست بالأمر الهين الذي نتصوره في بلد يسعى بكل القوى لنشر الثقافة الحقوقية في المحافل الوطنية والدولية.. بالألم يبدعون ،وفي سن الشيخوخة يحلمون ،و ينتظرون ان تبسم  لهم الحياة ولو بالخطأ أو بالسهو او بالحظ  ،أغلبهم في الطين  منذ اول العمر ونسلهم  غارق في الوحل  ، ولم يسبق لهم ان ذاقوا طعم نعيم الحياة، الألم يعصرعهم لانهم ما ورثوا غير الطين وبالكاد يتنفسون وسط الغبار، والدخان ، يفركون الوهم وعمش العين وينتظرون الإنصاف وينشدون تمييز المسؤولين بين العمل للعيش ،وبين  الفن للحياة ،وهم يفكرون  بعمق برؤيا الفيلسوف للأشياء فيحولون الطين تحفا لخلق المتعة  كما فعل  الفيلسوف الوجودي "هيدجر"  في  رؤيته  للوحة الفنان العالمي "فان جوخ " التي  حولها معبرا لبلورة الافكار والمفاهيم ،فهم يحملون رسائل حول القيم الانسانية والأخلاقية والفكرية والجمالية ويبحثون عن الوضوح وينشدون التغيير  المفرح غير المعلن لتجاوز العَوَز  .

الفخارون بجهة درعة تافيلالت  ينتظرون  كل المخططات : الزرقاء منها  ليحلموا  ببيئة نظيفة  ولو قليلا، والخضراء  لتنبعث  حياتهم من الرماد ويتحول طائر" الفينق" المنتظر لطائر  جديد بعد عذاب الاحتراق ، فلا أحد  منهم ظهر على محياه  الارتياح في لقاء زاكورة من عبء الدخل  وقلة التسويق، فمنطلقاتهم من درجة الصفر بدأت وستنتهي حياتهم بلا شيء ،وما حصدوا  لأبنائهم غير التيه وقوالب الطين  ،وآهات ناطقة بحجم هواجس ليلية أرّقت الحِرفي وعصرت  جفنه على الدمع حرقة وصراخا ، ولم يأخذ ذاك الصانع من ذاك الزمن  غير الوهم، شباب مرّ في الطين  وفي الحلم ، حتى انقبضت عضلات الوجه و الحياة  اوشكت على النهاية .

الوضع الاجتماعي للحرفي بجهة درعة تافيلالت هش يعري واقعا حقيقيا لمأساة العمل  في اوراش تفتقد لأدنى شروط الكرامة  ،تراب وغبار وانين وطين وحُفَر ودخان وتلوث ،وشيخوخة تئن دون ضمان اجتماعي ولا تغطية صحية ولا تقاعد ،والمؤسسة  الواعية هي التي تدرس وتناقش ما ذا كُتب وماذا جرى وما ذا وقع من أجل استثماره للوقوف عليه لصياغة خطة تنموية  دامجة لهذه  الفئة  بدل ارشفة الوثائق  بين الرفوف بالمعنى التقليدي للمصطلح لرد الاعتبار لذاك الحرفي التقليدي ، فأي ضريبة سيؤديها  هذا الصانع التقليدي اكثر من ضريبة  التهميش  والعيش في الطين منذ سنين خلت.

واليكم ظروف اشتغالهم بالفيديو والصور