زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو

العمارية في ثقافة أهالي تافيلالت وقصورهم وقصباتهم  العتيقة هي عبارة عن عصي ثلاث من جريد النخيل اليابس أو "المغصوب " في ثقافة الواحات، تنصَب على شكل مثلث  وتحاط بإزار اسود اللون يشد مع العصي بشوك النخيل، ويجب ان يُحكَم الإزار الاسود احكاما جيدا ودقيقا بالعصي  حتى لا يبقى  أي ثقب يمكن ان يتسلل منه  الضوء او العين المتلصصة  لما هو داخل  العمارية.

العمارية التقليدية تنصب في السطوح صيفا، يختلي فيها الاب مع الأم، او الأعمام بزوجاتهم  بعيدا عن انظار الابناء والبنات الذين يتمددون في السطوح ايام الحر  مصطفين كالسردين، وكلما كثر اعداد الأعمام المسنين في البيت الواحد كلما كثرت العماريات  فتبدو السطوح من الاعلى  كأنك في مخيم صيفي دون شمس، فهي الواقية من نظرات الاقارب والاباعد من الجيران الذين يتلصصون من فوق  علهم يحظون برؤية رجل امرأة مددة بان ساقها سهوا بخلخاله او بدونه  في جنح الليل حين يبيض المكان  بشعاع  القمر.

شباب القصور يتأخرون احيانا في  " لقصارة " بابواب القصور يقضون معظم الليل في التنكيت او " كُولها وضحك عليها " وحين يقترب الفجر يتسللون للسطوح من اجل التمدد  لبعض الوقت قبل ان تظهر الشمس الحارقة مبكرا فتسمع " حنحنة"  الاب او العم من داخل العمارية وكانه يقول :" انني هنا ومستيقظ وانني اعلم كل كبيرة وصغيرة في البيت، وحذار ثم حذار من الاقتراب من العمارية "

العمارية تؤرخ لعصر مضى  ورحل وبقي عالقا في المخيال الثقافي الشعبي بالقصور، وتغير مفهومها الحالي فهي الانا في الأعراس وتخص الزوجين  العريسين الشابين وقد تفنن فيها الصانعون بالتزيين والنقش ويصعدها العريسان  ويُحملان على الاكتاف بالرقص وعلى زغاريد النساء وهو يدور وهي تدور أيضا  وقد يسقط  احدهما  من فوقها  احيانا بالخطأ وذاك فأل نحس على مستقبل العريس او العروسة ويبقى الحدث موضوع تنكيت  مدة من الزمن بين الواتسابيين والفيسبوكيين والتوتريين ....

قد تكون بعض  التشابهات بين العمارية التقليدية والحديثة في كونهما معا  يرمزان للعزلة وأشياء اخرى، لكن العمارية القديمة صاحبتها الحشمة والوقار والبساطة في الزمن الجميل خلاف الحاضر  فالعمارية  صاحبتها الابهة والتباهي في اللبس والغناء والحلي والرقص والمساحيق.

كم من عمارية سقطت  وتعرت بفعل الرياح المباغتة ليلا، فقهقه النائمون المستيقظون من الكشف والتعرية وكم من بيت سقطت عماريته فسقط عزه، وتبقي في كل الاحول رمزا للعزلة والوقار وقضاء الحاجات بالكتمان وهي رمز ايضا للأصيل وثقافة الواحات والقصور القديمة.