زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو ( الصورة بعدسة لحسن عمراوي )

جبل افردو  بمدخل مدينة الرشيدية  من جهة كولميمة  بنية صخرية غامضة ومخيفة وكدية جللها الوقار من سحيق الدهور، اعياها  الانتظار، فتسطّح أعلاها بفعل تكالب اصناف  التعريات: الرياح  العاتية والأمطار والثلوج احيانا  حين يجود الزمان ، احمرت صخورها بضربات الشمس الحارقة وهي صبورة ومنعزلة ووحيدة وشاهدة على احوال العباد ببلاد قصر السوق العامرة .

الجبل يحرس العابرين كما حرس ابو الهول مصرالمحروسة، كم من مار غير عالم  بالتكوين الجيولوجي تساءل عن تسطح  اعلاه، وكم من باحث عن نشوة الليل من احفاد اوديب المبصرين  تستر خلفه في جنح الظلام، وكم من مطاردة حدثت على حوافه وكم من ممنوعات تم اتلافها بجواره .. وهو الحكيم الصامت لا ينبس بذنب ولا بجرم، وهو ستّار للعيوب اللهم استر عيبنا وخفف عنا بلاء الجائحات أو" الجايحات "بتعبير اهل  درعة تافيلالت .

بجنبات طريق الجبل  زراعة المجهول وبعض النسيم يهب من الاخضرار بجوانبه ولا طريق معبدة تقودك اليه، الاتربة والمتلاشيات وبعض قنينات النبيذ الزجاجية الشديدة الاخضرار على جوانب الطريق المؤدية اليه وهو غير آبه بالزمن، فربما اعياه الانتظار وطال عمره وسيبقى من الأوتاد التي  خلقها الله  حتى يشاء .

ذات يوم أحياه  بعض الغيورين بموسيقى  الصحراء  بقدمه فلم يرضِه الأسفل ولا الانكسار في زمن  العز والشموخ ،ولم يكتب لهم  الاعتلاء  للأعالي  بفنهم، فبقي ذاك  الأسفل ملعبا للفنانين وذوي الأجنحة القصيرة ،ولم يطرح الجبل  كبرياءه  بعد على مر الدهور  ،واستمرت القمة الشماء   للنسور تجول فيها وتفرخ وصوتها يجلل السماء، ويكحل  ريشها المنثور جفن النجوم  بين مواكب سحب  تتهاوى في الأفق المسحور، وبقي افردو الذي يعني " المهراز " باللغة الامازيغية وحيدا  حكيما هادئا شامخا.

السكون السلبي  للجبل دام  طويلا رغم  النداءات والاقتراحات التي ستحول اعاليه لمنتجع سياحي او لخشبة مسرح  روماني حيث ستغدو الرشيدية المركز قريبة ببعدها ، وبعيدة بقربها ، قريبة ببعدها اذا تحقق الانجاز  وبعيدة بقربها اذا استحال وتعذر .

جبل افردو منظر طبيعي وسياحي أخاذ بإمكان ساكنة الرشيدية ان تتنفس فيه  بعيدا عن المألوف المعتاد في المقاهي البعيدة  ويجب على المجالس المنتخبة ان تفكر في تعبيد الطريق المؤدي اليه  وتنقية المكان، وابعاد كل ما يمكن ان يشكل خطرا على  الزوار حتى يطمئن له الجميع  ويستأنس به كمنتجع سياحي ،عوض ان يبقى الغموض يحف جوانبه ، بل على المؤسسات التعليمية والجامعية أن تنظم رحلات علمية استكشافية لفائدة المتعلمين والطلبة  لاكتشاف هذا المكان الغني جيولوجيا وبيولوجيا، كما  على الجمعيات التنموية والمندوبيات الجهوية ان تنظم مسابقات رياضية وثقافية قصد الاستمتاع بجمال تضاريس الرشيدية ،وعلى المنعشين السياحيين ادراجه ضمن مداراتهم السياحية لمتابعة شروق الشمس وغروبها من اعلاه   لتحويله  الى رافعة تنموية نوعية بجاذبيه المجالية المتفردة .

 وفكرة  المنتج السياحي به بدت للبعض بعيدة المنال وهي  ليست  بعزيزة حين تحضر العزائم ، فعندما  تتلاقح الافكار تزداد اتساعا ونموا ، والكل واثق من نجاعة الافكار حين يساهم بعضها في انبات البعض الاخر ، فالجميل يبقى جميلا ،والقبيح يبقى قبيحا ،ولا يختلق الاقوام  في الرأي الا من كان  في منزلة البين بين ،فلا هو بالجميل ولا هو بالقبيح  ،والامل كبير أن تترجم الفكرة واقعا ملموسا  حيا مستقبلا.