زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو

يوم الثلاثاء 25 غشت الجاري على الساعة الثانية زوالا كانت المفاجأة  كبيرة  لساكنة الجنوب  الشرقي عموما  حيث اصاب الرعب والهلع بعض الرحل  القاطنة  في الخلاء ب ' تاردة ' بين الرشيدية وكولميمة  على بعد  مسافة حوالي 25 كلم  من مركز الرشيدية بجهة درعة تافيلالت.

الذوي والصوت اللذان أفزعا الرحل والأماكن المجاورة هو صوت نيزك  نازل من السماء  ،وعلى لسان احد الرحل الملثمين على عادتهم صيفا وشتاء  بالمكان  قال ' اعتقدنا انها ' تكونت '  ' بتثليث نقط الكاف ' او رعدة او سحابة او صاعقة، لكن في اليوم الموالي هبت الناس من كل الجهات بحثا عن شيء ما ،ولا ندري ذاك الشيء ما هو ،ولا قيمته ،وبعد  ما وصفوه  لنا بدأنا نبحث بدورنا فعثرنا على قطع صغيرة تشبه الفحم بها نقط لامعة كأنها المعدن ..' فاخرج من جيبه هذه القطع الصغيرة  الشديدة  السواد ملفوفة في ثوب غير نقي ،وبعد معاينتها ارجعها لمكانها الآمن ،وعاد للبحث وبيده قنينة ماء  ملفوفة بقطعة ثوب مبللة لتحفظ رطوبة الماء ،وبيده عصا  مصنوعة من النباتات الشوكية اليابسة يخبش بها الأحجار  الصغيرة  غير النيزكية  ذات اللون الداكن  والتي تختلط ايضا  مع بعر الشياه  التي كانت ترعى في الخلاء  وكلها تبدو كأنها شظايا النيزك المفقودة.

الموقع الجغرافي الذي سقط فيه النيزك.

سقط النيزك بمنطقة ' تاردة '  على بعد 25 كلم من الرشيدية كما ذكرت ،وهي أرض   خلاء على الطريق المؤدي لكولميمة من مدينة الرشيدية بجهة درعة تافيلالت ..هي ارض  مقفرة شاسعة  بها نباتات شوكية  وشعاب اودية مهملة ومرتفعات جبال من جهة الشمال اما من الجهات الأخرى ،فالأرض  تكاد تكون مستوية الا من بعض الهضاب وكلما اقتربت من الرشيدية او كولميمة تتغير البنية الجيولوجية.

رحلة البحث عن النيزك الكنز الذي جادت به السماء على 'تاردة ' .

بعد مرور يوم ونصف عن سقوط النيزك  أي يوم الخميس  27 غشت  تناقل الناس الخبر بشكل غريب فشدنا الفضول لرؤية المشهد دون التفكير بالقطّع في المشاركة في البحث من أجل العثور على شيء ما يغير مجرى حياتنا التي  طالت وعلى وثيرة واحدة ،الجديد فيها قديم ،والقديم فيها جديد ،وتمت الانطلاقة على السابعة والنصف صباحا .

وصلنا المكان  ونحن اثنان مع طفلين صغيرين قادهما حب الاستطلاع  والفضول فرأينا العجب العجاب من الاقوام التي حجت للمكان من كل المدن المجاورة  وغير المجاورة، منهم من اتى من مرزوكة والريصاني وتنغير وورززات وزاكورة ..ومنهم من اتى من ميدلت وميسور ممن صادفنا  هناك ،فيهم الرجال والنساء والأطفال  في مختلف الأعمار  منهم من اتى بسيارات ذات الدفع الرباعي  تستطيع التوغل بسهولة بين الأحجار والرمال  والشعاب ،ومنهم من اتى بسيارات عادية ،ومنهم من اتى بدراجة عادية تحمل الاثنين والثلاثة ،ومنهم من اتى ب ' تري بورتور ' ومن  ركب دراجة عادية ومن اتى راجلا او عبر ' اطو سطوب'...،تعددت الاقوام  والتباعد حاضر في زمن كورونا  بالرغم منهم ،حيث لا يعقل ان تبحث مجموعات في  اماكن مقربة ،فكلما كان التباعد كانت الحظوظ  بالفوز أوفر .

كل الباحثين  غير الجيولوجيين  يشتركون  في رحلة البحث عن الكنز الذي جادت بها السماء  طواعية وكل يكتم خبر العثور وعيون الباحثين تثقب الارض بحثا عن الذهب الأسود ،ولا حديث  الا عن القيمة المادية والسومة الغالية  التي تبتدئ من 100 درهم ل غرام واحد الى ما يفوق 15 الف درهم  ل غرام  واحد حسب احد المنقبين.

تجارة النيزك من عين المكان.

في سؤال لأحد المنقبين الذي مد يده لجيبه واخرج  منه نتفا صغيرة  من النيزك لن تتعدى ربع غرام  سالته عن اهمية هذه النتف فرد  دون تفكير كل شخص هنا يعرف قيمة النيزك  ونميزه عن الاحجار الاخرى المشابهة  بالمغناطيس، فأراني بأصبعه  غير بعيد  مشيرا لبعض الاشخاص قال :  ' أترى هؤلاء انهم يشترون ' النيزك ب 100 درهم ' ل غرام واحد في عين المكان وتزداد السومة كلما كانت  القطعة صلبة وقد بتّ هنا البارحة وبحثت بالليل ب ' بيل ' لكنني ما وجدت بهذا الضوء الليلي  الضعيف غير عقرب سوداء كانت بالقرب من المكان الذي وضعت فيه بعض امتعتي.

وحسب  'ادم عبد الله ارنسون ' مسير شركة للتصدير والاستيراد ومختص في بيع وشراء النيازيك والذي حل بمكان التنقيب  بتاردة بالرشيدية، صرح بأن الاثمنة  المتداولة خيالية وهي استهلاك إعلامي فقط، وان ثمن البيع لا يتعدى 200 درهم ل غرام واحد.

سقوط النيزك بضواحي الرشيدية يوم 25 غشت الجاري فجر الكثير من التساؤلات حول تجارة قل من انتبه اليها في الاوساط الاجتماعية العامة ، وسقوطه بالقرب من الساكنة وعلى مشارف عدة مدن متقاربة  ومتجاورة وسهولة الوصول للمكان فجر اسئلة عديدة لدى المتتبعين والرأي العام حول الرحلات الجماعية للبحث والتنقيب ،والباحثون غير علماء ولا علاقة لمعظمهم بالبحث العلمي المحض وما يجمعهم بالعلم غير الخير والاحسان.

الكثير من الناس من وضعيات اجتماعية متفاوتة  ومن مدن قريبة وبعيدة وكل يبحث بنفس الطريقة التي يبحث بها الاخر غير ان البعض رحل  بعيدا عن مكان التجمعات بسيارات ذات دفع رباعي وبغير دفع  وبدراجات نارية صينية مما يبين ظاهرا ان الفقر قد يكون سببا من بين اسباب متعددة لكن واقع الحال يبين حقيقة ان هذه التجارة ربما اغنت الكثير من هؤلاء وانهم ذاقوا حلاوة هذه التجارة فتوافدوا وتوافد معهم ' سماسرة ' هذه التجارة ولا بد من اعادة النظر في القانون المنظم وتقنين هذه  التجارة لاغناء البحث العلمي والمتاحف الوطنية حتى لا تبقى من  تجارة الريع كما هو الامر في الكثير من القطاعات التجارية البرية والبحرية والجوية.

اليوم الاحد 30  غشت  ومازالت الافواج  تحج للمكان ومنهم من قضى ليلتين في خيمة صغيرة ومنهم من يقضي بياض النهار في البحث ليعود عند الغروب ومنهم من يقضي البياض والسواد بذات المكان ،وحسب اسئلتنا  الملحاحة  للمنقبين حول وزن  ما عثروا عليه فمعظمهم يقول ' مازال على الله ' ومنهم من يريك نتفا ،ولم تشاهد العين قطعة تفوق  غراما واحدا  ' او غراما ونصفا ولكن ما سمعته الاذن ان القطعة الكبيرة  الوحيدة التي تفوق 50 غراما  عثر عليها احد الرحالة بالقرب من تاردة ومن يقول ان مالكها  يسكن تاردة  ولا احد منهم زودنا باسمه او بمكان سكنه للتأكد  ونقل صورة  هذه القطعة  من النيزك الذي تم العثور عليها.

القيمة العلمية للنيزك.

تجار النيزك  الحقيقيون قد يوجدون في مدن  او دول اخرى ،ولهم علاقات مع المختبرات الدولية أو الوطنية ،ويمكن ان يكون الثمن باهظا اذا كانت القطعة فيها ما يفيد  الابحاث العلمية حول الكواكب الاخرى القريبة او البعيدة ، لكن معظم الباحثين المنقبين لا يولون اهمية لهذا الغرض العلمي ، المهم هو العثور على المزيد من القطع الثمينة والذرر النفيسة التي يحتفظ بها هواة تتبع حركة الكوكب في منازلهم ،والامر لا يختلف عن هواة جمع التحف و النوادر وقطع الحلي القديمة والسيارات التاريخية التي تضفي قيمة  معنوية على مالكيها.

 وحسب المنقبين  فَ 'تاردة ' بالرشيدية حباها الله بسقوط كنز من السماء  وهو هبة  مباشرة  من عطائه وجوده ولم تأت على يد أحد  او بواسطة احد ليمن عليك  و'المبروك ' هو من عثر على الحجم الاكبر الذي يسمونه  'النواة ' والغريب ان  الكثير من هؤلاء الباحثين ليسوا من الطبقة الكادحة لتبرير فعل تعب  البحث تحت اشعة شمس حارقة وسواد ليل مخيف بعقاربه وافاعيه وكل حشرات الخلاء  الزاحفة، وقد تعددت اسباب بحث   الوافدين منهم من  يبحث عن قطعة فحم نيزك ستحول ضنك الحياة لعيش رغيد ،ومنهم من سيبحث وسيعود بخفي حنين ،ومنهم من يبحث عن اشباع رغبة الفضول ،ومنهم من يبحث بمعاناة وتضحية كبيرة لنقل مشاهد  حصرية و من نوع خاص للآخرين... والكل جمعه النيزك  الكنز  ب 'تاردة  'في زمن كورونا .