محمد الدريسي - الرشيدية / جديد أنفو

وجه النائبان البرلمانيان عن دائرة الرشيدية د. عبد الله صغيري وذ. محمد العرقي سؤالا برلمانيا لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني حول توقف أشغال بناء المركز الإقليمي للاعلام والمساعدة على التوجيه بالرشيدية ومخالفات المواصفات المحددة لبناء هذه المراكز من طرف الوزارة، وجاء في السؤال أن : " أشغال بناء المركز الإقليمي للاعلام والمساعدة على التوجيه بالرشيدية انطلقت سنة 2011  ضمن مشروع  E3P7 في إطار البرنامج الاستعجالي بغلاف مالي يقدر بـ 38 مليون سنتيم، غير أن هذه الأشغال توقفت  بعد بضعة شهور من ذلك وبقيت الوضعية على ما هي عليه إلى حدود الآن؛ هذا إضافة إلى أن هذه البناية تم إطلاق أشغالها دون تصميم هندسي رسمي، وبشكل يخالف المواصفات المنصوص عليها في المذكرة رقم 18 الصادرة بتاريخ  18 فبراير 2010  في شأن إحداث المراكز الجهوية والاقليمية للاعلام والمساعدة على التوجيه؛ حيث تنص المذكرة على توفير مساحة كافية لا تقل عن 200  متر مربع، في حين أن المساحة الأرضية المخصصة لهذا المركز لا تتجاوز 96  متر مربع في ، وهو ما يستحيل معه توفير المرافق المنصوص عليها في المذكرة ذاتها والمتمثلة في:  المكاتب الإدارية ، فضاء التوثيق، فضاء الانترنيت، فضاء الاستقبال، فضاء أو فضاءات الاستشارة والمساعدة على التوجيه، ورشة التصميم والانتاج، مكتب الدراسات والبحوث، قاعة الاجتماعات، مستودع، مرافق صحية..."، لتبقى الأشغال متوقف بهذا المركز رغم توفر التجهيزات وتكليف 03 أطر وكاتبة منذ السنة الماضية للاشتغال به.

وقد جاء جواب الوزارة يتسم بنوع من الاختزال والهروب للأمام، حيث اكتفى بإلقاء اللائمة على المقاولة التي لم تحترم التزاماتها، وبشر بأن نيابة الوزارة ستقوم بفسخ الصفقة وإعادة إطلاقها في القريب العاجل؛ والغريب في هذا الجواب أنه تطرق للشق الأول المتعلق بأسباب التوقف بنوع من الاختزال إن لم نقل الاستخفاف؛ ذلك أن توقف الأشغال بهذه البناية استمر قرابة 03 سنوات، فأين كانت نيابة الوزارة ولماذا لم تقم بفسخ الصفقة طيلة هذه المدة بعدما تبين لها عدم التزام المقاولة؟؟ وهل كانت تنتظر هذا السؤال لكي تقوم بتنفيذ المسطرة القانونية؟؟ وماذا تقصد بالقريب العاجل، وقد مرت أكثر من ثلاثة أشهر على السؤال ولم تطلق الصفقة الجديدة؟؟

ثم إن الجواب لم يتطرق بالمرة للشق الثاني من السؤال البرلماني والمرتبط بمخالفة المواصفات المحددة في المذكرة الوزارية وعدم وجود تصميم هندسي رسمي، وهذا يدل على أن هذا واقع تقر به الوزارة ونيابتها ولم تجدا له مخرجا سوى تجاهله.

إن الوضعية التي آل إليها هذا المشروع يدفعنا للتساؤل حول الموقع الذي يحتله مجال التوجيه التربوي في أجندة نيابة الوزارة، وذلك مقارنة مع نيابات أخرى أحدث مراكز من هذا النوع بمواصفات عالية وهي تقدم خدماتها، منذ مدة ليست بالقصيرة، للتلاميذ والطلبة والآباء ومختلف المتدخلين.

ومما يعزز مشروعية هذا التساؤل، أن نيابة الوزارة بالرشيدية تلقت مبادرة شراكة مع المجلس البلدي لمعالجة هذه الوضعية، تتساهم من خلالها الجماعة الحضرية بتوفير مقر لاحتضان هذا المركز على أساس أن تتكلف النيابة بتجهيزه وتسييره، وبعد مشاورات حثيثة بين الطرفين تم إدراج مشروع الشراكة كنقطة في جدول أعمال دورة المجلس لشهر يوليوز 2013، ليتفاجئ الجميع خلال الدورة بتحفظ ممثل النيابة على هذه النقطة بدعوى ظاهرها عدم موافقة الأكاديمة وباطنها حسابات سياسيوية ضيقة، وبشكل يتناقض مع توجهات التدبير التشاركي وانفتاح المنظومة التربوية على محيطها.

إن هذا المركز باعتباره أكبر بنية خدماتية للإعلام والمساعدة على التوجيه على الصعيد الإقليمي وباعتباره سيشكل آلية للتنسيق مع قطاعات أخرى من مثل التكوين المهني والتعليم العالي وغيرهما، يتطلب اهتماما أكبر من طرف مسؤولي نيابة الوزارة، وذلك تجسيدا لخطابهم الرسمي في مناسبات عديدة حول محورية التوجيه وأنه يحتل حجر الزاوية في المنظومة التربوية.

أما فضاءات الإعلام والمساعدة على التوجيه بالمؤسسات التعليمية، والتي كان مقررا تعميمها منذ سنة 2012 على جميع الثانويات (إعدادية وتأهيلية)، فكل ما قامت به النيابة هو تأهيل قاعات في بعض المؤسسات واستغلالها لهذا الغرض وعددها لا يتجاوز 10 من أصل 52 مؤسسة، في حين لازالت مشاريع بناء فضاءات جديدة بالمؤسسات الأخرى تراوح مكانها في رفوف مصالح النيابة.

إن تغيير التمثل السائد بأن التوجيه التربوي من الخدمات التكميلية أو الكمالية في المدرسة المغربية لن يتم بالخطابات التي تطغى عليها المجاملة وتبقى غالبا بعيدة عن الواقع، وإنما بإجراءات وتدابير عملية تعطي لهذا المجال مكانته الملائمة وتفعل أدوار بنياته وجميع المتدخلين فيه؛ وذلك في إطار منظور يجعل من التوجيه التربوي مدخلا أساسيا ـ إن لم نقل محددا ـ في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا؛ ذلك أن النجاح الذي تنشده المدرسة لم يعد ينحصر في تحصيل التلاميذ النقط والمراتب المتقدمة وتحقيق أعلى نسب الانتقال، وإنما أصبح يتجاوز ذلك إلى امتلاكهم القدرة على قيادة حياتهم الشخصية في مختلف أبعادها، فالنجاح الدراسي يبقى بدون معنى إذا لم يكلل بالنجاح في الاندماج الاجتماعي والمهني؛ ولعل الخطاب الملكي لـ 20 غشت 2013 بلور هذه الإشكالية في سؤال محوري عندما قال صاحب الجلالة:  " يبقى السؤال الملح الذي يطرح نفسه: لماذا لا تستطيع فئات من شبابنا تحقيق تطلعاتها المشروعة على المستوى المهني والمادي والاجتماعي؟"؛ إنه سؤال يضع جميع الفاعلين في الشأن التربوي أمام مسؤولياتهم في مساعدة التلاميذ على بلورة مشاريعهم الشخصية والمهنية والنجاح فيها، لاسيما في إقليم شاسع رأس ماله الأساسي ومجال الاستثمار فيه هو العنصر البشري.