أحمد بيضي - خنيفرة / متابعة
أكد فاعلون محليون، وقادمون من مناطق مختلفة، أن عناصر الشرطة والدرك، بإقليم خنيفرة، منعتهم، صباح السبت 20 دجنبر 2020، من دخول مدينة خنيفرة لاستقبال الناشط المدني عبدالعالي باحماد الشهير ب "بوذا غسان"، بعد مغادرته السجن المحلي، ومن بين "الممنوعين" كان رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، إلى جانب عدد من النشطاء والمعطلين، بحسب ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما نشر البعض ما يؤكد أن السلطات أوقفتهم بدعوى عدم توفرهم على رخصة التنقل أو خرقهم الإجراءات المتخذة في إطار مواجهة جائحة كورونا، بينما تم اقتياد البعض الآخر إلى مركز الشرطة للاستماع إليهم قبل الإفراج عنهم.
ذلك قبل مفاجأة الجميع بما يؤكد مغادرة المعتقل المذكور للسجن المحلي ووصوله إلى بلدته أجلموس، مع احتمال أن يكون نقله قد تم تحت جنح الظلام للحيلولة دون نجاح ترتيبات حفل استقباله بالشكل الذي كان مقررا، أو مرسوما من طرف "الجمعية المغربية لحقوق الانسان" و"لجنة بوذا لدعم المعتقلين السياسيين"، وفور وصوله إلى بلدته أجلموس، كان في استقباله، بالورود والزغاريد، عدد من جيرانه ورفاقه، تتقدمهم والدته وأفراد أسرته الصغيرة، فيما أبى هو إلا أن يردد مجموعة من الشعارات، في الوقت الذي تداول فيه بعض رفاقه أنه سيعود لمدينة خنيفرة لتفعيل الشكل المقرر لاستقباله وسط إنزال أمني قوي وأنباء مؤكدة عن تدخلات قمعية وحواجز مانعة للمتنقلين.
وكما كان منتظرا، صباح السبت 19 دجنبر 2020، عانق الناشط عبدالعالي باحماد الشهير ب "بوذا غسان" حريته، بعد مغادرته أسوار السجن المحلي لخنيفرة، وكان في انتظاره العديد من نشطاء المجتمع المدني والفعاليات الحقوقية، السياسية، الجمعوية، حيث قضى سنة كاملة رهن الاعتقال على خلفية مجموعة من التدوينات الفيسبوكية، التي تم التركيز فيها على تعليقاته بخصوص العلم الوطني، قبل قرار متابعته في حالة اعتقال بتهم "المس بالمقدسات وإهانة العلم الوطني والتحريض على المس بالرموز الوطنية"، وتعاليق أخرى اعتبرها المحامون المؤازرون له "فضفاضة ولا تستدعي المتابعة والاعتقال"، على حد تصريحات بعضهم.
ويذكر أن ابتدائية خنيفرة كانت قد توجت المرافعات والدفوعات الماراطونية في الشكل والمضمون، والتي تواصلت، مساء الخميس 9 يناير 2020، لأكثر من ثماني ساعات، من الثانية بعد الزوال إلى العاشرة ليلا، بمنطوقها، بعد منتصف الليل بدقائق معدودة، بالحكم النهائي في الملف 2628/ 2103/ 2019، المتعلق بالناشط "بوذا غسان"، وذلك بسنتين حبسا نافذا، و10 آلاف درهم غرامة، وهو الحكم الذي قضت محكمة الاستئناف بتخفيضه إلى سنة واحدة، وكان المهتمون قد فوجؤوا بإحضار المعني بالأمر للمحاكمة الاستئنافيةدون إشعار أو إعلان، علما أن كل محاكمة تشهد مؤازرة لافتة لمحاميات ومحامين من هيئات إقليمية ووطنية.
وارتباطا بالموضوع، كانت مجموعة من النشطاء المحليين قد أعلنوا عن تأسيس "لجنة بوذا لدعم المعتقلين السياسيين"، واعتبروا، في أول بيان لهم، أن التهم الموجهة ل "بوذا" هي جزء من "تجريم حرية التعبير عن الرأي والتضييق على نطاقه"، واستهلوا ذات بيانهم بما وصفوه ب "استفحال تردي الأوضاع العامة وتفاقم التهميش الاقتصادي والاجتماعي لعموم الفئات الشعبية، والاجهاز على الحقوق والمكتسبات، ما يفرض من الجميع تعزيز الوحدة والتضامن"، مع توجيه تحيتهم لكل مساندي حرية الفكر والرأي، ومستنكري الاجهاز على ضمانات حرية التعبير المنصوص عليها دستوريا وعالميا.
وكان "بوذا" قد قرر الدخول في إضراب عن الطعام، يوم الجمعة 20 دجنبر 2019، احتجاجا على "وضعيته بالسجن المحلي، وإيداعه بزنزانة معزولة"، قبل إقدام إدارة السجن، بعد ذلك، على وضعه ب "مكان انفرادي خاص"، لم يرغب فيه سوى بمده ببعض الكتب والروايات الجادة التي تفتقر إليها خزانة السجن، وقد جاء طلب "بوذا" ليحمل العديد من المتتبعين للتفكير في حملة من أجل تقوية هذه الخزانة بالكتب، وأكدت مصادرنا وقتها أن دفاع "بوذا" أقنعه، خلال جلسة الاثنين 23 دجنبر 2019، بتعليق إضرابه عن الطعام، في سبيل حماية صحته وتمكنه من حضور جلسات محاكمته التي تعرف في كل مرة وقفات تضامنية بساحة المحكمة.
ومعلوم أن قضية "بوذا" عرفت موجة تضامن واسعة بعدة مناطق مغربية قبل أن تتجاوز حدود البلاد إلى خارجها، في حين قام فاعلون محليون، ببلدته أجلموس، يوم السبت 28 دجنبر 2019، بأجلموس، بتنظيم شكل نضالي، للتعريف بقضيته، مع استقبال قوافل تضامنية وطنية، ليضحى بيت أسرته قبلة للعديد من المناضلين بعدما أصبح "بوذا غسان" في عداد "معتقلي الرأي" و"المعتقلين السياسيين"، مع ما يعرف عن حضوره الدائم في كل الوقفات الاحتجاجية، الحقوقية منها والشعبية والاجتماعية، سواء منها المحلية، الاقليمية، أو الوطنية التي ينتقل إليها رغم ظروفه المعيشية المعروفة.
ولم تتوقف "لجنة بوذا لدعم المعتقلين السياسيين"، بخنيفرة، عن "حراكها"، منذ أن دشنت "حراكها" بتظاهرة احتجاجية، مساء السبت فاتح فبراير 2020، ب "ساحة 20 غشت"، تم فيها ترديد مجموعة من الشعارات والهتافات، ومن إلقاء كلمات باسم اللجنة المذكورة، تلتها وقفة جرى تنظيمها، صباح يوم الخميس 5 مارس 2020، أمام المحكمة الابتدائية بخنيفرة، موازاة مع الجلسة الاستئنافية التي تقرر مثول عبد العالي باحماد (بوذا غسان) فيها، وذلك في إطار الأشكال النضالية التي تخوضها اللجنة تنديدا بالهجمات الممنهجة على الحق في الرأي والتعبير، وللمطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقل "بوذا غسان" وكافة المعتقلين السياسيين.
ويذكر أن "بوذا" فات له، يوم الأربعاء 18 دجنبر 2019، أن جرى "احتجازه" لمدة خمس ساعات بأمن خنيفرة، قبل تحويله لولاية أمن بني ملال للتحقيق معه، قبل الاحتفاظ به قيد تدابير الحراسة النظرية، لتتم إعادته لخنيفرة، وتقديمه أمام النيابة العامة بمحكمة خنيفرة، يوم الجمعة 20 دجنبر 2019، بمؤازرة عدد من المحامين المتطوعين، حيث جرى استفساره بخصوص تدويناته وتعاليقه على حائطه الفايسبوكي، ما اعتبره حقوقيون وسياسيون "شكلا من أشكال تكميم الأفواه، وانتهاكا للحقوق والحريات، ومسا بحرية الرأي والتعبير"، مقابل استحضارتعرض عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بخنيفرة للملاحقة والمتابعة.
