أحمد بيضي - خنيفرة / متابعة

بعد عدة جلسات، حضرها في حالة اعتقال، أصدرت غرفة جرائم الأموال بالدار البيضاء، يوم الخميس 7 يناير 2021، حكمها في حق رئيس بلدية مريرت، والمستشار البرلماني، محمد عدال، ب 6 سنوات حبسا نافدا، مع إرجاع الأموال المنهوبة، وأداء الجماعة الترابية لمريرت مبلغ أربعة ملايين درهم، فيما قضت ذات الغرفة القضائية بمؤاخذة باقي المتهمين من أجل ما نسب إليهم، وذلك بإدانة أحد المتهمين بسنتين حبسا نافذا وبسنة ونصف في حق باقي المتهمين، ويتواجد المعني بالأمر بسجن عكاشة منذ يوم اعتقاله، صباح الاثنين 26 غشت 2019، على يد عناصر من الفرقة الوطنية، وتسليمه لمحكمة جرائم الأموال.

وعلى خلفية ذلك، نظم موظفو بلدية مريرت، والمقاطعات التابعة لها، صباح الجمعة 8 يناير 2021، وقفة تضامنية مع زملائهم، المتابعين في حالة سراح، لكون هؤلاء الأخيرين، في رأيهم، مجرد "أكباش فداء" غير مسؤولين عما كان يصدر عن رئيس البلدية من قرارات بيروقراطية، مع التذكير بأن هذا الرئيس سبق عزله من رئاسة وعضوية المجلس البلدي، مع كل ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية، قبل صدور قرار المحكمة الدستورية القاضي بعزله من عضوية مجلس المستشارين، ليتم بعدها تجريده من عضوية مجلس جهة بني ملال خنيفرة، بعدما ثبت لدى السلطات المختصة والقضائية ارتكابه لاختلالات وتجاوزات فات لعدة لجن مركزية أن حققت فيها. 

وكان اعتقال المعني بالأمر، والمنتمي للاتحاد الدستوري، قد جاء تنفيذا لتعليمات من النيابة العامة بمحكمة جرائم الأموال بالدار البيضاء، لأجل إحضاره بالقوة إلى مقر المحكمة بعد تعنته عن تلبية الاستدعاءات الموجهة إليه قصد الحضور لهذه المحكمة للتحقيق معه في ملفات مختلفة تتعلق بقضايا مالية وشبهات في التسيير الجماعي والتدبير المالي، ومصادر الثراء الغامض، وفق مصادر مهتمة بأطوار الملف وبموضوع خمسة موظفين وأربعة أعضاء من بلدية مريرت تم استدعاءهم وقتها في إطار التحقيقات، وكانت ظروف اعتقال محمد عدال قد تراوحت ما بين ابتهاج وتحفظ البعض، وشفقة أو ألم البعض الآخر، على مستوى الشارع العام.

وفات لمصادرنا أن أكدت ما يفيد أن قاضي التحقيق بمحكمة جرائم الأموال بالدار البيضاء كان قد استمع، خلال الأسابيع الأولى من عملية الاعتقال، لأقوال الموظفين الخمسة والأعضاء الأربعة، بينهم أعضاء بلجنتي التعمير والمالية، وذلك في ما يتعلق أساسا بملفات التعمير والصفقات المشبوهة والأموال المبيضة والاسهال في منح رخص البناء، والتصميم والربط بشكل عشوائي، ومن بينها مئات الرخص التي ساهمت في اتساع البناء العشوائي بالأماكن الممنوعة قانونا، وبالأحياء الهامشية، والمحاذية لوادي تيغزى، إلى غيرها من الاشكالات التي سبق للمفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، أن راسلت في شأنها رئيس بلدية مريرت لاستفساره حولها.

وخلالها كان قد طفا ما يسمى بالتقسيمات وما عرفته من شواهد إدارية يمنعها القانون، التي تم التوقيع عليها بشكل انفرادي، دون أدنى احترام للقرارات الملزمة للوكالة الحضرية، ولا حتى موافقة أو توقيع المصالح التقنية واللجنة المختلطة، وبعضها عمد أصحابها إلى تسجيلها بأسماء أخرى نفت، في وقت سابق، أية علاقة لها بالموضوع، وهي الفترة التي تفجر فيها، على مستوى الشارع المحلي، ما سمي ب "فضائح التعمير" أو "مافيا العقار"، والتي تقاطرت على إثرها، منذ 2016، عدة لجن إقليمية ومركزية ببلدية مريرت وبقيت نتائج تحقيقاتها عالقة على خلفية ما كان يتمتع به المعني بالأمر من "مظلات" تُفتح له عند الحاجة.

ولم يفت مصادرنا الكشف عن تحقيقات حول ازدهار تجارة "الأراضي غير المهيكلة ولا الصالحة للبناء"، وتفنن المتاجرين في تبيض الأموال عبر اقتناء هذه الأراضي وتجزئتها كوداديات، والحصول على تراخيص لبنائها وتجهيزها في عمليات مظلمة، ما ضيع على الجماعة مداخيل مهمة، والمثير أن بعض الرخص والشهادات تسلم عن أملاك في طور التحفيظ أو محفظة داخل المجال الحضري المشمول بوثائق التعمير، ومن ضمن الملفات الأخرى، كان قد تم التحقيق في بعض الصفقات الغامضة والمثيرة، ومنها نماذج تم تمريرها عبر أسماء لا علاقة لها بالعمل المقاولاتي مطلقا، بحسب تصريحات متطابقة.

 والمؤكد أن تكون التحقيقات قد انصبت أيضا على ما يهم الصفقات العشوائية التي تم تمريرها، سواء منها المتعلقة بالتجهيز أو تهيئة المدينة، والتي لا تقل عن صفقة سور المقبرة أو المحطة الطرقية والمدار الطرقي وقنطرة المدينة والمجزرة (البطوار)، وغيرها، وجلها جرى الإعلان عن طلب عروض مفتوح حولها، رغم أن أشغالها انتهت أو هي في طور البناء، ما يجعل الإعلان عنها عبارة عن وسيلة تبرر الغاية المتمثلة في عملية "تفويت" الصفقة ما قبل التأشير عليها من طرف الجهات المسؤولة ومسؤولي المراقبة التقنية، إلى جانب سلسلة من المشاريع المشبوهة التي لم يفت بعض الأطراف المحلية تكليف أعوان قضائيين لإنجاز محاضر معاينة بشأنها.

وبينما كان رئيس بلدية مريرت يخضع للتحقيق، في حالة اعتقال، انقسمت الآراء ما بين كون اعتقاله يأتي بسبب "تمرده" المعروف على السلطة، وقيامه ببعض المواقف المثيرة للجدل والسلوكيات العنيفة، وبين كونه عبارة عن "كبش فداء" لحجب باقي الرؤوس الحقيقية في سوق الفساد، بينما عاد آخرون إلى الحديث عما أقدم عليه المعني بالأمر من "عنف لفظي"، عقب زيارة وفد حكومي لجهة بني ملال خنيفرة، قبل سنتين، عندما حضر ودخل في ملاسنات واتهامات مع أحد الوزراء، في حضور وزير الداخلية، فضلا عن دخوله في معارك هامشية مع بعض المسؤولين في السلطة المحلية والاقليمية والجهوية، مباشرة أو من خلال بعض اللقاءات والاتصالات الهاتفية.

ويذكر أن المحكمة الإدارية بمكناس فات لها، يوم الخميس 9 نونبر 2017، أن قضت (تحت رقم 694) بعزل رئيس بلدية مريرت، محمد عدال، من رئاسة وعضوية بلدية مريرت، مع كل ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية، وهو القرار الذي تم التمهيد له، خلال أكتوبر 2017، بمنع المعني بالأمر من ولوج مكاتب البلدية، إلى حين البث في الدعوى الاستعجالية المرفوعة ضده (تحت عدد 174/ 7110/ 2017) من طرف وزارة الداخلية، في شخص عامل إقليم خنيفرة، بناء على تقارير إقليمية ومركزية قادت أيضا إلى إبلاغ المحكمة المذكورة رسميا، بدعوى استعجالية لعزل ثلاثة أعضاء بذات البلدية (سجلت تحت رقم 181/ 182/ 183).