أحمد بيضي - حنيفرة / جديد أنفو

تحت محور "المسرح والوسائطية"، احتضنت مدينة خنيفرة، من 27 إلى 31 ماي 2014، فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان المسرح التجريبي، حيث أسدل الستار عن هذه التظاهرة الثقافية بلقاء صحفي مفتوح مع الممثل التلفزيوني أحمد الصعري الذي استعرض فيها "سيرته المسرحية"، وأهم المحطات التاريخية في حياته الفنية منذ الحقبة الاستعمارية إلى مرحلة استقلال البلاد، كما بسط أمام الحاضرين أبرز الفنانين الذين التقى بهم، سواء المغاربة أو الأجانب، والفرق المسرحية التي ظهرت آنذاك، والعروض التي بصمت تاريخ الركح المغربي وبقيت خالدة.

بينما لم يفت أحمد الصعري تسليط الضوء على كثير من القضايا المهمة والمواضيع ذات العلاقة بالفن المسرحي، في حين جاءت تساؤلات الحاضرين متعددة، منها أساسا ما يهم المساحة المتاحة بين المسرح والطابوهات، ودور النقابة المغربية لمحترفي المسرح، وواقع القطاع المسرحي اليوم بالمغرب، وأثر المنتوج المدبلج على الحركة المسرحية المغربية، وسبب تراجع المسرح مقارنة مع الازدهار الذي كان عليه خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات.

المهرجان المنظم من طرف "منتدى الأطلس للثقافة والفنون"، افتتح بالمهزلة التي فاجأت كافة المدعوين والضيوف الحاضرين، حيث لم يحضر أي ممثل لا عن المجلس البلدي، ولا المجلس الإقليمي ولا حتى المجلس الجهوي أو عمالة الإقليم، رغم أن برنامج المهرجان يتضمن كلماتهم، وهو الموقف الذي استقبله المنظمون والمدعوون باستياء وامتعاض شديدين، وكم تضاربت الآراء والتعاليق في كواليس المهرجان حول مدى صدق نوايا السلطات المحلية في ما يتعلق بدعوات الجميع إلى دعم الشأن الثقافي بالمدينة، علما أن من بين ضيوف المهرجان نقاد ومسرحيون من مناطق مختلفة من المغرب، ومن ليبيا والعراق.

ورغم كل ذلك، واصل المنظمون للمهرجان عرسهم الافتتاحي في حضور وازن للمواطنين والفاعلين والفنانين ومبدعين والمهتمين والجمعويين، وقد أبى هؤلاء المنظمين إلا ركوب مبدأ الإصرار بثقة الفنانين والمشجعين وجهود الداعمين، رغم أن السلطات الإقليمية زادت فمنعت عنهم استعمال قاعة الندوات بمقر عمالة الإقليم دونما أدنى مبرر، ما دفع بهم إلى تجاوز الارتباك واليأس وأجبرهم على تحقيق حلم النجاح بالاعتماد على إمكانياتهم الذاتية لغاية توفير الأمكنة المناسبة لفعاليات تظاهرتهم التي تقرر فيها تكريم شخصيتين مغربيتين، أحمد الصعري الفنان المسرحي والممثل التلفزيوني المقتدر، ويونس الوليدي الناقد والباحث المسرحي صاحب "المسرح والأسطورة" ومؤلفات أخرى.

وإسهاما منه في إشعاع المدينة وترسيخ ثقافة مسرحية متألقة، نجح "منتدى الأطلس للثقافة والفنون" في جعل التظاهرة محطة سنوية للاحتفاء بالمسرح التجريبي، من خلال البرنامج المثمر الذي طبع فعاليات هذه السنة، ومن ذلك تكريم الفنان أحمد الصعري، مع شهادة لعبداللطيف خمولي، وتكريم الناقد يونس الوليدي مع شهادة لفهد الكغاط، ثم تنظيم ندوة في موضوع المهرجان "المسرح والوسائطية" بمشاركة خالد أمين، حسن اليوسفي وعبدالرحمان بنزيدان، إلى جانب العراقي علي السوداني، وعلى غرار "المقهى الأدبي" أسس المهرجان لثقافة "المقهى المسرحي" بتقديم كتاب "المسرح المغربي: سؤال التنظير وأسئلة المنجز" للناقد محمد أبو العلا، وبعده تقديم كتاب "المثقف والسلطة" للناقد أحمد بلخيري.
وتميزت دورة هذا العام أيضا بما تمت تسميته ب "ديمقراطية الفرجة" من خلال انفتاحها على المحيط، وإشراك جمهور مريرت مثلا في العروض المسرحية التي كانت متنوعة، منها مسرحية "باي باي جيلو" لفرقة خشبة الحمراء بمراكش، و"المسار" لفرقة مسرح الشباب والرياضة، و "هم الأوباش" لفرقة فري كاب للإنتاج من الدار البيضاء، و"الريح" لفرقة أدوار للمسرح الحر من كلميم، و"تاغنجة" لفرقة منتدى الأطلس للثقافة والفنون بخنيفرة، وقد توزعت أنشطة المهرجان بين غرفة التجارة والصناعة، فضاء القرب (دار المواطن)، فندق النجاح، ونيابة قدماء المقاومين بخنيفرة، إلى جانب المركب الثقافي بمريرت.

فعاليات المهرجان في نسخته الرابعة أخذت بالتالي خطوة هامة تمثلت في تنظيم ورشات خاصة بالتكوين في فن المسرح، إلى جانب لوحة مسرحية لشباب مدينة خنيفرة، بمشاركة عدة مؤسسات تعليمية، بغاية تأكيد حرص المنظمين على رعاية الشأن الثقافي لدى الجيل الجديد وتعزيز الدور التربوي والتنموي للمسرح، ليسدل الستار على فعاليات المهرجان بتوزيع شهادات تقديرية وتكريم فعاليات محلية، عبدالله أمجود، م. أحمد الكامون وأحمد الإدريسي.

يشار إلى أن فعاليات المهرجان كان قد تم تدشينها بندوة صحفية سلط من خلالها المنظمون الضوء على ثنايا هذه التظاهرة، وقد ركز المنظمون على الاكراهات الكثيرة التي تم "الدوس" عليها بغاية تحقيق ما تم تسطيره والتعبير عن الوفاء لهوية المهرجان، ولثقافة المسرح التجريبي وسؤال الوسائطية، في حين لم يفت المنظمين الإشارة للحضور الأمازيغي في المهرجان بالتأكيد على أنهم قاموا بدعوة فرقة من سوس وتعذرت عليها المشاركة، شأنها شأن أخرى من أزرو.

كما تطرق المنظمون في ذات الندوة لما يهم الجانب المالي وكيف بدأ المنتدى بصفر درهم مقابل الاعتماد على ما يحصل عليه من المساعدات الممنوحة من طرف بعض الجهات المسؤولة والفعاليات الاقتصادية، قبل أن يكبر المهرجان الذي كلما كبر تضخمت مشاكله ومصاريفه، علما أن مصاريف الدورة الماضية بلغت 120 ألف درهم، علما أن المنتدى يطمح للاستقلالية بعد بلوغ مهرجانه مرحلة الاحتراف، وتطور طموحه إلى إمكانية تسويق المنتوج وطنيا، وقد تحول إلى محطة سنوية لتلاقح التجارب المسرحية على اختلاف أساليبها ومدارسها، ويحظى بتنسيق مع وزارة الثقافة ومسرح محمد الخامس، ودعم من المجلس الجهوي والإقليمي والبلدي وبعض الشركاء ممن يمثلون القطاع الخاص، وقد سجل الكثيرون شهادة الممثل الكبير عبدالقادر مطاع التي عبر فيها عن إعجابه بتعطش المدينة للمسرح من خلال جمهورها الملتزم بالمتابعة والحضور.