محمد حجاجي - جديد انفو / متابعة

 
صدر للشاعر المغربي الكبير محمد علي الرباوي ديوان شعري يحمل عنوان: "أشجار الدم"، عن منشورات "جامعة المبدعين المغاربة" (2020) التي يشرف عليها الشاعر محمد اللغافي، في مائة صفحة وصفحتين (102) من القطع المتوسط، وخمسة وعشرين نصا (25)، وبلوحة غلاف للفنان التشكيلي محمد سعود.
 
الأستاذ الرباوي علم من شعراء القصيدة المغربية الحديثة، يكتب نصا شعريا حديثا منفتحا على الشعر العالمي المعاصر، ومرتبطا بالبيئة المحلية والثقافة العربية والإسلامية. غزير الإنتاج (أصدر ما يفوق عشرينا كتابا شعريا)، حاصل على دكتوراة الدولة في الأدب من جامعة محمد الأول بوجدة، الجامعة التي اشتغل بها أستاذا للتعليم العالي إلى حين إحالته على المعاش سنة 2005.
 
هو من مواليد قرية أسرير بتنجداد (إقليم الرشيدية)، سنة 1949. تنقلت أسرته بين الجزائر وسيدي قاسم والرباط ومكناس ووجدة.
 
تناولت العديدُ من الأطاريح الجامعية تجربته الشعرية بالمغرب والعالم العربي والإسلامي، وتم تكريمه في كثير من المنتديات الشعرية والثقافية. وقد أصدرت وزارة الثقافة المغربية أعماله الشعرية الكاملة في مجلدين.
 
يواظب الأستاذ الرباوي على نشر شعره في المنابر الوطنية والعربية، الورقية والإلكترونية، وكذا في صفحته على الفيس بوك. وله في الفضاء الأزرق مراسلات ومحاورات أدبية طريفة مع صديقيه الجميلين أحمد بوزفور وعبد القادر وساط (أبو سلمى)، نُشر بعضها في منبر وطني ورقي، وأثبت بعضَها الآخر الأديب الأريب المهدي ناقوس في موقع الأنطولوجيا.
 
من إصدارات الشاعر:
 
ـــ قمر أسرير
 
ـــ من يتكلم لغة فلسطين؟
 
ـــ مواويل الرباوي
 
ـــ الأعشاب البرية
 
ـــ من مكابدات السندباد المغربي
 
ـــ دم كذب
 
ـــ كتاب الشدة
 
ـــ عصافير الصباح
 
ـــ الأعمال الكاملة (رياحين الألم).
 
هنا أحد نصوص "أشجار الدم":
 
رجُلٌ مِن أسْرير
 
مُرَّاكُشُ تَسْتَيْقِظُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ؛ لِتُصْغِي لِدَبِيبِ النَّمْلِ يَهُزُّ عِظَامِي الْهَشَّةَ هَزًّا. هَذِي النَّارُ اشْتَعَلَتْ فِي كُلِّ شَوَارِعِهَا الْقَاحِلَةِ الْمَجْرُوحَةِ، وَانْتَشَرَتْ فِي سَعَفِ النَّخْلِ الأَزْرَقِ، وَهْوَ يَفِرُّ إِلَى قَلْبِي الْمَكْسُورِ، يُحَدِّثُهُ خَلْفَ زُجَاجِ الدَّمْعِ حَدِيثاً بَلَّلَهُ شَوْقُ الْكَهْلِ إِلَى وَاحَةِ أَسْرِيرَ الْمَلْفُوفَةِ بِالْحُلْمِ السَّاكِنِ فِي أَوْدِيَةٍ تَزْدَحِمُ الْغِزْلانُ حَوَالَيْهَا. حَرَّكْتُ جَنَاحَيَّ؛ فَأَسْرَيْتُ بِقَلْبِي لَيْلاً، مِنْ هَذِي الْحَمْرَاءِ إِلَى كُثْبَانِ الْمَاءِ. تَرَاءَتْ سَوْسَنَةٌ، هِيَ أَسْرِيرٌ، بَيْنَ نُخَيْلاتٍ، تَبْحَثُ عَنْ طِفْلٍ أَسْمَرَ، يَمْلأهُ وَهَجُ الْبَحْرِ السَّابِحِ فِي جَوْفِي، تَتَسَلَّقُ عَيْنَاهُ جُمَّارًا هُوَ أَحْلَى مِنْ تَمَرِ الْفَقُّوسِ. دَخَلْتُ قُصُورًا، كَانَ الطِّينُ الْعَطْشَانُ يُغَادِرُهَا قَصْرًا قَصْرًا. كَانَ الطِّفْلُ الأَسْمَرُ، وَهْوَ بِلَوْنِ تُرَابِ الْقَصْرِ يَنِطُّ بِصَدْرِي الظَّمْآنِ، وَيَرْسُمُ فِي جُدُرِ الدُّورِ عَصَافِيرَ بِأَجْنِحَةٍ مِنْ حُلْمٍ وَهَّاجٍ، تَدْعُوهُ إِلَيْهَا نَخْلَتُهُ، يَلْتَفُّ حَوَالَيْهَا. يَتَحَوَّلُ عُرْجُونًا. فَإِذَا الرِّيحُ الصِّرُّ تَهُزُّ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ، تَسَّاقَطُ أَجْزَاءٌ مِنْ هَيْكَلِ عَظْمٍ يَبْحَثُ عَنِّي فِي مُرَّاكُشَ، مَا أَكَلَ النَّاسُ، وَلا شَرِبَ النَّعْنَاعُ بِحَوْضِي، لَكِنَّ رَصَاصًا مِنْ فُوَّهَةِ الْعَطَشِ الْجَبَّاٍر اخْتَرَقَ الزَّرْعَ/ الضَّرْعَ /الْبَشَرَ/الْحَجَرَ/ الطَّيْرَ/ يَهُزُّ عِظَامِي. أَفْتَحُ عَيْنَيَّ، إِذَا بِي فِي جَوْفِ الشَّارِعِ أَمْشِي، وَعَلَى أَذْيَالِي الْبَيْضَاءِ تَسَكَّعُ آثَارُ دَمٍ فِي لَوْنِ الْحُزْنِ الْقَارِسِ. مِنْ أَيِّ فَلاةٍ هَذَا الدَّمُ جَاءَ يُهَدِّدُنِي؟ أَأَنَا الْمَقْتُولُ أَجُرُّ بِهَذِي الْبَيْدَاءِ وَرَاِئي نَعْشِي المَحْمُولَ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ، أَمَ انِّي الْقَاتِلُ، لا أَعْرِفُ مَنْ بِيَدَيَّ قَتَلْتُ؟ أَجِرْنِي مِنْ هَذَا الْخَوْفِ الرَّابِضِ فِي جَوْفِي الْمَنْخُور،ِ أَجِرْنِي قَبْلَ غُرُوبِي عَنِّي يَا رَبِّ أَجِرْنِي وَأَعِدْنِي أَنْتَ إِلَيّْ.
 
وجدة. 1/11/2016