زايد جرو – الرشيدية / جديد انفو

ساكنة درعة تافيلالت بالقصور والقصبات التقليدية لها ارث ثقافي غني وثقيل  يصعب اختزاله في منطوق دلالي واحد، لاعتبارات مرجعية مختلفة وللامتداد التاريخي للجهة منذ ان كانت سجلماسة معبرا للقوافل التجارية والدينية والثقافية ، والفنية ،ما جعلها ارضا معطاء بواحاتها التقليدية وبكلامها المرصع الذي يصعب ايجاد مثيل له في مناطق اخرى.

رغم ان ثقافة الاعتناء بالأسنان غير متأصلة بالمنطقة عند الكثير ،ولم يتربَّ الجيل القديم على الفرشاة ومعجون الاسنان، فقد كانت هناك عادات عند البعض للاعتناء بها مثل حكها بالمسواك او بعض الأعواد  المستوردة من دول الساحل  والتي تساهم في تبييض الاسنان خاصة عند النساء ،أما الرجال قلما يستعملونها في عاداتهم اليومية ، وكلما اشتد الم ضرس ما ،فهناك  الكُلاب ' الذي لا يعرف صاحبه ' الضرس المريض ' وقد يقتلع اثنين او ثلاثة دفعة واحدة   لاقتلاع الالم.

الثقافة المتداولة في ' اقتلاع ' اسنان  الحليب  ان الأم او الأب او الأخ الاكبر يساعد الاخوة الصغار على اقتلاع هذه الاسنان باستعمال خيط او ' سْبيب ' من اجل إحكام الضرس ويتم ' الجبد ' حتى تسمع صوت الاقتلاع  بقوة واحيانا تبقى معلقة ب ' جذرها' ليتدخل احد افراد الاسرة بعنف  فيقتلعها وتخزنها حتى الصباح وحين تكون الشمس زاهية دون غيوم  تحجب اشعتها ترمي بها في الغياهب وتردد عبارة'  لالة عين الشمش هاكي سن حمار واعطيني سن غزال  ' وهي التركيبة التي يحفظها الجميع وبقيت متواترة لدى الجيل القديم وستنقرض قريبا مع جيل معجون الاسنان وطبيب الاسنان وثقافة  'ليباك ' لتصفيف الاسنان بشكل يليق مع التحولات الزمنية والحداثية التي فرضتها ثقافة العصر.

ترمي بضرس ' الحمار ' للشمس  وتنسى مع الايام طلبك فيكبر ضرس آخر وانت و ' زهرك ' قد ينبت ضرس اكبر وقد ينبت معوجا وقد يكون الضرس من فصيلة  أسنان البغال او الكلاب ولما تكبر قليلا او حين ' يعايرك ' احد  في حالة غضب وينعتك ب ' بوسنادر ' تعود القهقرى  للماضي من جديد وتردد خلسة في نفسك منحت للشمس سن الغزال في  الصغر ومنحتني سن الحمار في الكبر لكن لأباس فهي تؤدي مهمة العض والقطع والطحن .

هي ثقافة قديمة في طريق الانقراض ويبقى الجيل القديم والاقدم منه يحن لذاك الماضي التليد الذي لا يعتبره عجزا في التكيف مع الحاضر بل ذاك الحنين جزء من هويته فكما  تحن الابل لموطن النشء وتعود  له ولو طال الزمن والمحن فالإنسان بدوره  لا يمكنه التنصل من ذاك الاصل  لأنه جزء منه ،وكلما تنكر ذاك  الشخص  لماضيه او احتشم من ذكره فلا خير يرجى منه فكم تنكر الكثير لأصدقاء العشرة  ولأهل الفضل عليهم  وكم تنكر الكثير خدمات الاخرين لهم،  لانهم غيروا اسنان طفولتهم وارادوا تغيير مواقفهم لكنهم  فوق التراب وما هم  الا تراب  ولا يُنتظر خيرُهم والأحسن طي صفحتهم للأبد.