جمال الدين بن العربي

تعمل نساء تعاونية تسوريفت للصياغة بقصبة إميضر (إقليم تنغير)، على تنويع منتوجاتهن المستخلصة من معدن “الميشور” الذي يعتبر خليطا بين عدة معادن.

ويستعمل هذا المعدن، الذي يتم جلبه من ضواحي مدينة مراكش، من أجل تحضير العديد من أنواع الحلي التي تستغل في تزيين العروس وتقديمها كهدايا للزوار وللأقارب.

وتشتغل تعاونية تسوريفت للصياغة بقصبة إميضر على جعل هذه الحرفة التقليدية، المكتسبة من جيل إلى آخر، طريقا نحو الرفع من مدخول نساء هذه الجماعة الترابية القروية التي تبعد عن وسط تنغير بنحو 20 كيلومترا.

وتعرف نساء هذه المنطقة باستعمال معدن “الميشور” بألوانه الجميلة، وبتطويعه بشكل جيد بغية تحضير منتوجات لزينة المرأة في المناسبات الخاصة والعامة، ولهذا اهتمت هذه التعاونية بهذا المنتوج ذائع الصيت في المنطقة لكونه عنصرا محركا للدورة الاقتصادية والحرفية في إميضر، ولكي تصبح وسيلة لتجميع النساء في هيئة تساعدهن على تحسين الدخل والرفع من قيمة منتوجاتهن اليدوية.

ويزداد الإقبال على هذا المنتوج بعدما أصبحت التعاونية تحظى بالاهتمام الكبير من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تنغير، التي تقدم يد المساعدة لهؤلاء النساء من أجل الاستمرار في أنشطتهن المتنوعة، لاسيما في ظل الفترة الصحية المتسمة بانتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الذي أثر على العديد من القطاعات الاجتماعية.

وتتوفر التعاونية على ورشة للصناعة والسباكة، وحجرة مجهزة لصهر المعدن المستعمل، وقاعة لعرض المنتجات حيث يتم تقديمها للزوار من الزبناء والتجار الذين يقبلون على منتجات صنعت بعناية وبطرق يدوية وتقليدية عريقة.

وتحتضن قصبة إميضر العريقة، التي بنيت سنة 1948، هذه التعاونية وهيئات أخرى، حيث جرى خلال السنوات الماضية تأهيلها بشراكة بين الجماعة الترابية لإميضر والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وشركة معادن إميضر مع استغلالها للتكوين في مجال الصناعة التقليدية.

وأكد السيد مصطفى البخاري، مدير المركز الحرفي للصناعة التقليدية بقصبة إميضر، إن تأهيل هذا القصر، الذي يحتضن أوراش عدد من التعاونيات، قد أقيم بشراكة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وجماعة إميضر وشركة معادن إميضر.

وذكر السيد البخاري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بأن هذه القصبة تضم تعاونيات تقوم بصياغة الفضة، بعد تأسيس جمعية تعنى بذلك سنة 2015 لصياغة الفضة والمجوهرات والحلي، مشيرا إلى أنه جرى بعد عامين من تكوين النساء المهتمات بهذا المجال، تأسيس تعاونية لكي تستفيد نساء وفتيات المنطقة من أنشطتها.

وشدد على أن هذه المبادرة تهدف إلى تحسين وضعية هؤلاء النساء والفتيات، ولكي يتمكن من تسويق منتوجاتهن على أوسع نطاق ويقمن بتحسين وضعيتهن الاجتماعية.

واعتبر السيد البخاري أن التعاونية النسائية أرست طريقها بشكل جيد، مما جعل مشروعها من أفضل المشاريع على المستوى الإقليمي، مضيفا أنه تنظم دورات تكوينية للعديد من المجموعات النسائية ليكن جاهزات للمساهمة في أعمال التعاونية والانخراط في برامجها من أجل تطويرها وتوفير فضاء جد هام للعاملين بها.

من جهتها، أكدت السيدة عزيزة موجان، رئيسة تعاونية تسوريفت للصياغة بقصبة إميضر، في تصريح مماثل، أن هذه البنية التعاونية الهامة سمحت للنساء بالاستفادة من التكوين في مجالات صناعة الفضة والمجوهرات من معدن الميشور.

وأضافت أن النساء المساهمات لم يكن يعرفن أشياء كثيرة عن تطويع المعدن، لكن “حاليا نشتغل لصناعة جميع المجوهرات التي تصلح للعرائس والمناسبات العائلية من خلال معدن الميشور الذي نجلبه من مراكش”.

وذكرت أن هناك إقبالا متزايدا على منتوجات التعاونية و”توجد طلبيات كثيرة”، مشيدة بالمساعدات التي يتم تلقيها من مجموع الشركاء، خاصة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم تنغير وشركة مناجم وقطاع الصناعة التقليدية.

وأشارت إلى المجهودات التي يبذلها الشركاء من أجل تطوير عمل التعاونية والنهوض بمشاريعها المدرة للدخل بالنسبة للمنخرطين والعاملين بها.

وتظل تعاونية تسوريفت للصياغة بقصبة إميضر من بين المكونات الاجتماعية والاقتصادية بالمنطقة التي تساهم في إنعاش مجال الصناعة التقليدية في منطقة يغلب عليها الطابع القروي، وتحتاج إلى مزيد من الدعم للاستمرار في أنشطتها المدرة للدخل.

المصدر: و.م.ع