زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو

كلما زاد انخفاض درجة الحرارة لزم الكثير من السكان البيوت ورفضوا الخروج الا للضرورة خوفا من نزلات البرد،  رغم ارتداء الملابس الصوفية الثقيلة قبل التفكير في الخروج لان  التهاون مع نزلات البرد لم يعد مقبولا، حيث   تبدأ أعراض البرد بالتهاب الحلق  يتبعه  سيلان الأنف والسعال والحمى.. و تدخل الناس في دوامة وخلط بين نزلات البرد والاصابة بالفيروس  فتبدو شوارع المدن والقرى شبه فارغة الا من بعض المارة التي اجبرتهم ظروفهم للتحرك .

الشيوخ بالواحات وتحت جدران القصور والقصبات  منكمشون  بعيون دامعة يتبعون اشعة الشمس حتى الغروب لامتصاص بعض الحرارة التي تدفئ عظامهم لبعض الوقت ،فلا  على الأكل  ولا على  الحركة هم  قادرون  تراهم يجرون اثقال الجلباب الصوفي و'السلهام' رغم نحافة اجسامهم وبالكاد يمشون ،سعالهم  عميق ومتتابع احيانا ومتقطع احيانا اخرى ويبدو الليل شبحا وينتظرون بزوغ الشمس للعودة لاجترار الألم  والمرض  من جديد..

حديثهم شيق ومجالستهم ممتعة وفي الغالب يكون عن البطولات وسنوات الربيع  الجميل ينتقدون ويقارنون اليوم بالأمس ويعلقون بحكمة وسخرية وتذمر أحيانا على الأوضاع و الفراغ والمرض  بعدما كانوا يوما شعلة نشاط وكتلة حيوية .. يجالسهم الشبان احيانا للتزود ببعض المعارف او سماع نكتهم او حديثهم عن الاصدقاء الذين رحلوا فيدعون بالرحمة على الوالدين وينصحون بالاخوة والتماسك ( تهلاو ف الاخوة فهي سند وعون ) كما يقفون بالنصح على تجنب من يتسبب في العداوة بين الاخوة والاقارب من طمع ونساء.. وحين يسمعون اذان المغرب ينفضون الغبار ويغادرون المكان ببظء شديد ولا يخلفون للصلاة موعدا.

هم بركة وهم الأصل نهرب اليهم لا عنهم ورضاهم نعمة ،انجبوا  الخمسة والسبعة والعشرةبمدخول صفر درهم في الشهر الا ما جادت به الواحة من منتوجات مجالية  وتحملوا مسؤوليات ابنائهم وبناتهم لكن للأسف  في بعض الحالات تجد العشرة من الابناء والبنات ولا يستطيعون التكفل  بالاب الوحيد او الام الوحيدة او هما معا، فتنقلب  حياتهما اسفا  وندما على  غدر الزمان المتقلب الذي منحهم باليمنى  الصحة والعافية ليعود مع الوقت  لآخذ  ما وهب  باليسرى.

حالة الشيوخ تستوجب العناية والرعاية  حيث تئن في صمت ولا تجد في الغالب من يعتني بها بدفء الحنان في هذه البرودة الشديدة في ظل ظروف انعدام التغطية الصحية وانعدام  الاعتمادات المرصودة لرعاية مثل هؤلاء المسنين.ويجب التعامل معهم بمسؤولية واعية لتجنب الاسوأ  ارضاء للنفس ونيل رضاهم فلن يتكرروا بالقطع مرتين، وبمثل ما نتعامل معهم سنُعامل به من الابناء والدنيا دوارة ،وخير الناس من يلتقط الاشارات  سواء من نفسه او من جيرانه او من اهله او اقاربه تجنبا للاسوآ في الدنيا والآخرة.