جديد انفو - ملاعب / متابعة

ألقى الشاعر الامازيغي المتألق محمد زيادي ابن بلدة تورورك ملاعب نواحي الرشيدية بالجنوب الشرقي المغربي بذور تفاعله الوجداني مع تجاربه الحياتية و احتكاكه بكبار المبدعين بالمنطقة، روته ذلك عاطفة الأديب الملهم.

فبعد إصداره الاول قبل سبعة اعوام سنة 2015 لديوان شعري تحت عنوان (tilgwit) أو " الجسر"  كان موعد الحصاد الثاني سخيا لقطف ثمراته من خلال اصدار ديوانه الشعري الثاني تحت عنوان (irrgis d ugris ) أو "الجمر و الجليد " عنوان يحمل في طياته كل معاني التضاد بين الجمر المختفي تحت الرماد الذي يحمل درجة حرارة المعاني و قوة الشعر الشجي، ودرجة برودة الجليد المتسم بقوة الالفاظ وسحر الكلمة، يقع الديوان في 22 قصيدة مع تصميم الغلاف للفنان محمد العمراني ومقدمة الديوان للأستاذ بها منصوب.

الشاعر محمد زيادي ابن بيئته، يحمل في وجدانه هم اللغة و الهوية الامازيغية بأركانها الثلاث اللغة و الارض و الانسان من خلال التعبير و الدقة في اختيار الالفاظ و الصور الشعرية و البلاغية و الدلالات اللفظية الرصينة، وبحقل معجمي امازيغي صرف و سليم ، يصل إلى المتلقي في جوّ من المتعة الأدبية الراقية كما يتمتع بأسلوب متين و سلس، يدمج جمال النص وموضوعه في ابداع الكلمة، فالشاعر الحق يدرك ابعاد الكلمة وسحرها، ويسكب معانيها من وجدانه و عاطفته، و من خلال قصائده سنكتشف كم كان الشعر منطلقاً للتعبير عن حساسية الإنسان في ضوء تفاعل الشاعر مع نفسه ومع المحيط الذي يعيش فيه، وكم كان هذا الشعر يعبر عن نبض حقيقي لمجمل الصراعات والتحولات السياسية والفكرية والاجتماعية التي تتزامن مع المرحلة التي أنتجت هذا الإبداع الشعري الإنساني.

للقافية و اللازمة حضور بارز في قصائد الشاعر محمد زيادي، وهذا الحضور يجعل القارئ يعيش أجواء القصيدة الملتزمة بزيّ معاصر، حيث أنه بارع في البناء البسيط للقصيدة، والتفنن في الصياغة، بل ونجد بعض القوافي النادرة أو الغريبة على الأذن، استطاع الشاعر بقدرته اللغوية وأذنه الموسيقية أن يطوعها بالإلقاء من خلال قصيدة رشيقة المعاني، والصياغة بلغة ساحرة متينة، كما يطلق الشاعر العنان متحررا من قيود القافية فيحلق في فضاء الزجل فيكتب للوطن والتاريخ والحب والرثاء والحياة والظلم والمساواة والنقد والسخرية والغضب من واقع مرير مؤلم، والشوق لوطن غاب عنه تدبير الاختلاف و التنوع. كما نجد في بعض قصائد ديوان irrgis d ugris حوارات وجدانية عميقة لتجربة إنسانية مليئة بمزيج من العواطف، ما بين حب وشوق يبوح لنا به الشاعر من خلال حوار شعري أنيق تجود بأفكار ذاتها كالتي تقصها الجدات لأحفادهن وهم مجتمعين في شتاء بارد حول نار هادئة.

على العموم إن شعر محمد زيادي يطفح بالواقعية الاجتماعية في التعبير عما يتناوله من قضايا، وذلك ضمن رؤية إنسانية منفتحة تتسم بالإنسانية وحب الآخرين والتعبير عن الآمال والطموحات .. فهو ذو رؤية فنية عميقة في جوانب المشهد الشعري الأمازيغي بالجنوب الشرقي او المغربي عموما استمدت جمالياتها وقيمها من مستويات تجد مرجعيتها في صلب الثقافة الإنسانية.