زايد جرو- الرشيدية / جديد انفو
تتنوع الأمثال وتكثر الحكم بجهة درعة تافيلالت ،فتحمل هذه الامثال قيما ومعاني عميقة تصدر من أشخاص ليسوا بالضرورة علماء، أو مفكرين، أو ذوي ذكاء خارق، بل هم أشخاص بسطاء 'عاديون ' مألوفون عاركوا الحياة وعاركتهم، وعاشروا أصناف متعددة من البشر فنسجوا بالكلام المرصع الدقيق والموجز تجاربهم زجلا، و نثراً بعبارات دالة قصيرة، تعبر عن خبرتهم العملية بالحياة، وهي صالحة لكل زمان ومكان وبكل لغة .
" اللي عندو جوج عينين تيشري الزرع واللي عندو عين وحدة تيشري الطحين واللي عما تيشري الخبز " "مثل متداول يحمل الدلالات العميقة ذات الابعاد الايحائية الكبيرة، تمس الانسان في عمقه وعلاقاته ببيته وبالاخرين من خلال المحيط المشترك الجامع لكل السلوكيات الصائبة والطائشة .
والتركيب اللغوي والدلالي للمثل يثبتان الجوانب السلبية والقدحية في شراء الخبز الذي كان الى عهد قريبا يلحق المذلة بنساء الدار اللواتي تعجزن عن تعب الزرع من غسل وتنقية وطحن حتى يصير خبزا وارتبط المثل ب ' لحداكة 'والصبر من اجل اطعام العيال والغير ، وكانت الام التي تسمى ب ' لعكوزة ' توزع المهام ولا تتهاون في المتابعة من اجل ان يستقيم البيت بهمته وشانه بين بيوت القصوربالواحات .
بداية المثل تشير الى ان الذي يشتري الزرع له عينان ينقي ويغسل ويطحن ويعرف ماذا يأكل والانسان صاحب العين الواحدة يشري الطحين ولا يدري ما فيه والاعمى هو الذي يشتري الخبز... وللاسف انقلبت القيم فتجد الصفوف بباب المخبزات وامام الدكاكين التي تبيع الخبز بالاشكال والانواع وكلما مررتُ بهذه الدكاكين والناس تنتظر الا وكلمت تفسي في نفسي بالقول ' هادوا مساكين كولهوم عميين ' وقد اكون منهم بدوري منهم ذات يوم .
تغير الحال والاحوال الطبيب ينصح بتناول الخبز بكمية والطحين في الداكين يبيض فيه ' سراق الزيت ' وتقتات منه الفئران وتتناسل فيه علانية من حين لحين وقد نشترك معها في نفس المادة او نأكل ما تبقى منه عليهم ،او نأكل مع الطحين تبولهم وننقله للبيت وتعجنه العجانة ' الله اسخر فيها ' ثم ناكل خبزا غير نقي وما تبقى منه يوضع في الثلاجة لتتم اعادة ' تسخينه ' لنوهم انفسنا وممن هم وهن حولنا ويوهموننا بان الخبز طريا على التوهم وتمضي الايام والحياة مرة صحة وعافية ومكانة وشهرة ومرة نقمة وذل وهوان وحقارة والله اداوي الحال.