زايد جرو- / جديد انفو

يشو يومان او يوسف اولحاج الوركي القاطن ب ' اكني ن تلازيط ' بأرك نْ سيدي علي الملقب في تنغير ب 'عمي يشو بومان ' المزداد سنة 1940 ..لا يعرف للعربية مسلكا، قصير القامة ب ' طاقية بيضاء على الراس  بها ثقب رقيقة يغيرها من حين لأخر و رسومات مثلثة ،وبعض أنصاف الدوائر.. جاد بها عليه احد الحجاج سخاء..عيناه حادتان  عميقتان في النظر، انف غليظ وفم به فجوات تتابين من حيث الضيق والسعة، ينتعل نعال هارون ذات الصنع اليهودي قديما والتي تسمى ' مشلان' في اماكن اخرى والتي تدوم طويلا وطويلا يمشي متثاقلا ويتمايل ذات اليمين وذات اليسار حاصل على بطاقة ذوي الاحتياجات الخاصة ،لباسه حسب التقلبات الجوية مرة جلباب ومرة قميص صوفي  ومرة هما معا يحمل  فوق ذراعيه ' تلبيدوت المخنشة ' لحفظ هدوء وبرودة الماء وفوقها كوب بلاستيكي ازرق يشرب منه الجميع دون التفكير بالقطع في نقل العدوى .

انجب عمي يشو بومان اربع اناث وثلاثة ذكور هم الان رجال سيخلدون اسمه بعد عمر طويل وهو من الشخوص التي مازالت تزرق وتتحرك بأقصى جهد ممكن بمدينة تنغير  سجل تاريخا ممتدا  لازيد من 20 سنة وهو يسقي ويروي حناجر الناس في اللهب المشتعل في عز حرارة الصيف المحرقة ولا يسأم ..عقدان من الزمن وهو يردد ' امان لله ' يتعبه العمل يوما بعد يوما مرة يجني ومرات يشح  الزمان ويقل العطاء ..اختار مهنة السقاء عن حب حيث المنافع والاجر العظيم والخير العميم الذي لا ينقطع يقبل الاخذ من متبرع او واهب ومن شحت نفسه تبرعا فهو قنوع راد بالحمد ..

يغادر ارك في اتجاه تنغير في الصباح الباكر ولا يعود الا بعد العصر يأكل من طعام الجود وعطاء الجوادين ويسقي نفسه من مائه السلسبيل ويكره ان يسمع عبارة ' ارغان وامان اعمي يشو ' لانها تقلل من  مجهوده وفعله ودليل على التهاون في الخدمة. يمشي في الاسواق ولا يخاف مقترضا او لائما ويحترمه الكبير والصغير وكل قلوب الناس جنسيته ..

تقوده قدماه الى وادي تودغى فتراه تحت ظل شجرالزيتون قريبا من شجرة التوت بطريق افانور يجلس فتجالسه الذكرى فينظر للمياه المتدفقة فتتدفق معها  الافكار عبر المخيال .. سلام عمي يشو فيرد سلامي بابتسامة ربما فيها ما فيها من اسقاطات على شخصي فيرد بينه وبين نفسه ' ما يديرا لوستاذ دّغ ْ ديغ ' اجالسه لحين فيقلق ويهم بالنهوض فأقول عمي يشو ' اكي اعاون ربي أهيا '  واغادر فيضج بالحديث بينه وبين نفسه دون ان يدرك بانني مدوِّن وحتى وان علم فربما لا يهم ذلك .

عمي يشو الان متعب ويعتبر ذاكرة تاريخية بالمدينة فهل من جواد يطل عليه وهل من كريم من ايت ' الخارج ' ينعم عليه بالقليل او الكثير وهل من مغيث شرب من مائه ذات يوم ليكرمه اليوم عطاء فقد اضناه تعب الحياة لكنه راض بما قسم الله ورزق ولا على لسانه غير الحمد والشكر .

رفقا  ايتها الحياة ب 'عمي يشو' الذي يفرح بالأخرة قبل الدنيا ورحماك ايتها الحياة بالأجساد التي  تسير نحو الفناء اتعبها العسر وقلة ذات اليد ولم تجن منك ايها الزمان غير القهر والانقباض  وغير الشقاء فتبكي  خلسة حتى يجف الدمع وتمسح الخد بظهر راحة اليد ..

قد يرحل عمي يشو وعمي زايد  وعمي علي زبو وعمي حدو خو ..قد يرحلون جميعا وتبقى عبارة ' أمان لله ' خالدة وعالقة بالذاكرة الجماعية المشتركة بتودغى وعلى طول  الوادي بتنغير ...

 

 

المصدر: كتاب عروس تودغى للكاتب والاعلامي زايد جرو