زايد جرو -الرشيدية /جديد أنفو
تفاجأ رواد المقاهي بالرشيدية هذه الأيام بإغلاق مقهى إملشيل وسط المدينة. المقهى الذي فتحت أبوابه بداية الثمانينات حيث كان عدد المقاهي محدودا. واستطاع الفضاء أن يستقطب زوارا من داخل المدينة وخارجها ومن السياح أيضا حيث رحبة المتسع وحديقة مخضرة للافراد والأسر وكانت تقدم فيها الوجبات بلمة الكثير من الأصدقاء.
المقهى داخل المدينة كانت تضرب بمقاعده اللقاءات اليومية العادية ويحلو بها الجلوس صيفا بعيدا عن لهب دخان السجائر التي تعكر صفو الجلوس في مقاهي أخرى ويطول المكوث مدة ولا يعكر صفو الحديث والقيل إلا الزائر 'الجعبة ' الذي 'يخطف' قهوتك خلسة أو إلحاحه المستفز على سيجارة أو 5 دراهم.. أما حسن وأخوه الذاكرة التاريخية المشتركة بالرشيدية فهما منشغلان بأمور أخرى على بعاد من مرتادي المقاهى.
أخذني هوس ذاكرة قصر السوق في الحكي حتى نسيت بداية خيط خبر إغلاق المقهى حيث تاه زوارها من طبقات مختلفة وأعمار متفاوتة حيث المستملح في الحكي عنها حين يؤذن المؤذن لصلاة المغرب وترى الجماعات تغادر المقهى تاركة مشروباتها مغطاة لتعود لها بأمان بعد الصلاة بالمسجد القريب او المسجد المحايد للبنك الشعبي حيث الصلاة والمشي وتبادل الكلام والعودة بأمان للمشروب الذي زاد برودة لطول الانتظار ..
وفي النبش عن أسباب الإغلاق فالأمر يتعلق بحكم قضائي بضرورة الإفراغ حيث كانت الدعوة قائمة من المجلس الجماعي السابق ليتم التنفيذ الآن فذكرني الحدث بسقوط الأندلس وبضياع الكثير من سكان العرب والامازيغ بين البحر وتطوان وطنجة ووزان والمشرق العربي على أمل العودة فصورها أبو البقاء الرندي في نونيته بأنها اصبحت مكانا للبوم والغربان في قصيدة ، رثى فيها بحسرة المدن والبلدان والحصون والمناطق التي سقطت لزمانه، وهي قصيدة مؤثرة مشجية نابعة من حماسته الوطنية والدينية، فبكى ما ضاع من ديار قومه، واشتملت على وصف دقيق لتلك الحالة التي آل إليها حال الأسرى من الرجال والنساء السبيات، المغلوب على أمرهم من المسلمين، والقصيدة شاملة ومؤثرة فيها الكثير من الحكم ومن العبر وسرد قصص الأولين التي مرت على العرب ما تدمع له العين ويخشع له القلب من شدة ما أصاب المسلمين من بلاء في الأندلس...مقهى إملشيل سقط أيضا وتاه مرتادوها بين مقاهي أخرى قريبة منها يراقبون وينتظرون زمن العودة وهم يقفون على الاطلال بالعين وهي مأوى للقطط .
للأسف المقهى انتهى زمنه الحالي لاسباب متعددة والأمل أن يعود ذات الفضاء بحلة أنقى وبمشروع مماثل أو بآخر يضفي على قلب المدينة بهاء جديدا. وتعازينا الحارة لرواد هذا الفضاء .