زايد جرو – تنغير / جديد انفو

الحي الجامعي ظهر المهراز بفاس معلمة تاريخية قديمة كون فضاؤها العديد من النخب المثقفة فكرا وسياسة ومعرفة ، الطلبة من كل البقاع هبت، الحلقات المسائية والليلية قائمة دون توقف حتى الصباح، المحاكمات والمناقشات في كل الأمور المحظورة خارج الحرم الجامعي حاضرة باستمرار، يأخذ  الطالب الشهادة باستحقاق ويستضيفه الآخرون  حتى لا يغادر ويبقى داخل شقته طيلة مدة عطالته: سنة أو سنتان لا يهم، الملابس ملابس الجميع والأحذية أحذية  الجميع، والكل للكل  ، وكل المارين من هناك وشم الحي في ذاكرتهم أياما جميلة لا يمكن أن تمحى بالقطع أبدا.

وفي يوم الثلاثاء الماضي بدأت الحفارات والهدامات  تدك المعلمة التاريخية ظهر المهراز  كما تدك إسرائيل قطاع غزة ، بعد إعلان  وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر  هدم الحي جراء قدم بناياته وهشاشتها وتصدعها، وكل المارين يتألمون ويتأوهون وتمطر مُقلاهم العَبَرات وكأنهم فقدوا بعضا من أعضائهم الجسدية، أو أحدا من أقاربهم، فالحي  حقيقة كان يشكل منذ أن تحول من ثكنة عسكرية  للمستعمرين  إلى مأوى الطلبة خطرا على أمن وسلامة الدولة، فكم من تظاهرة شبت هناك ولم تنفع معها غير دبابات عهد سنوات الرصاص والجمر، وكم من تظاهرة نزلت من الحي بشعارات هزت الجدران وشوكت شعر رأس  حنظلة ناجي العلي،حتى حي  الليدو لتواجه بأعنف المعدات الأمنية، المعلمة الآن انتهت حياتها كما انتهت حياة أي بهلوان، وللأسف  العديد من القرارات تريد محو الذاكرة الجماعية بتبريرات وتقارير مصنوعة مفبركة محبوكة ومطبوخة في الكواليس لكن المقررين  لن يتسطيعوا بالتأكيد تغيير جغرافية الذاكرة الجماعية الطلابية التي مرت من هناك .