عبد اللطيف نجيب / جديد أنفو

ثوريا فطواكي تتحدى الجهل بعزيمة التعلم، حتى ولو انصرف الزمن من حولها وتنكر لها في غفلة من والديها اللذين قهرهما شظف العيش ولم يتسع الوقت لكي يمنحها فرصتها المستحقة في تعلم الحرف ومسح ندوب الأمية من ذاتها الصغيرة، هي الأنثى التي لم يقدر لها الولوج للمدرسة قط حتى تحقق حلمها في نيل شهادة الإعدادي.

كبرت ثوريا وما تخلت عن حلمها في تعلم القراءة والكتابة، لما سنحت المناسبة بذلك انقضت عليها بالنواجذ، منذ سنة 2003 وهي تتحدى بإصرار وقوة عزيمة، تهجت الحرف الأول وانقشع بريق أمل في داخل هذه الشابة، لم تلتفت إلى الوراء لتقول إن السن تقدم والوضع لا يسمح باللحاق بالمحظوظين، بالعكس داخل أسرة حظيت فيها بكل الثقة، شرعت ثوريا في مد ساعديها لفتح كل الأبواب المشرعة أماها لتتعلم، من حسن حظها أن العيون لم تكن تراقب زلاتها ولا تتصيد هفواتها بقدر ما تجزي عليها الثناء للظفر بحب التعلم، ونالت الشابة الاستحقاق وحرقت المراحل وحصلت على شهادة الخامس ابتدائي سنة 2005 بدعم من الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة.

لما انكشف بريق الأمل أصرت أمها الثانية (الممثلة فاطمة أكلاز) على الدفع بفوج بأكمله للتقدم لاجتياز المستوى السادس ومع نفس الجمعية وبتطوع من عدة غيورين أساتذة كان التحصيل جيدا وتقدم الفريق المهيأ من نساء وشابات ومنقطعات، لتحصل ثوريا في سنة 2006 على شهادة الدروس الابتدائية.

كبر الحلم ، وفي كل محطة كانت ثوريا تسعى إلى الانتقام من زمن الفرصة الضائعة وتجتهد لتعويض الجهل بالعلم، لم تتوان في التحصيل هذه المرة بمفردها، تستغيث في بيت الاحتضان وتجد الاستجابة بما يتاح من تعلمات، وفي الخارج تستنجد بمسايرة الدروس في ثانوية التغناري الإعدادية بالفقيه بن صالح، حيث تطوع بعض الأساتذة والأستاذات، انها طاقة الحرقة والشوق إلى التعلم، لا طعم ألذ من تذوق الفرصة الثانية في الحياة، ذاك ما كانت تحسه ثوريا، وهي رغم الفارق العمري كانت تعيد ذاتها للعمر الطفولي لكي تتلذذ بهذه اللحظة الجميلة.

اليوم ثوريا حققت الأهم وهو ولوج عتبة الأمل الكبير، حصلت هذه السنة على شهادة الدروس الإعدادية وكبر الأمل فيها من جديد لكي تحصل على الباكالوريا، أليس جدير بنا أن نسند خطواتها بالثناء والتقدير؟ إنها تستحق ذلك وقد نلتقي لنحتفي بها حاملة للباكالوريا فالحياة لا تضيع إلا في زحمة اليأس والتيئيس.