علي الحسني - الرشيدية
مقتفي أثر الأعشاب في مؤلف " النفيس في نباتات فركلى واستعمالاتها الطبية" مصدرها بيئة صحراوية وصيدلية طبيعية مفتوحة، إنه ادريس سملالي "صيدلي" واحة فركلى العالم بأسرار التداوي بالاعشاب.
وارث سر هذه المهنة عن والده وعن جو أسري مهتم بالنباتات والاعشاب والهدف كما يقول سملالي هو رد الاعتبار للنباتات المحلية ومحاولة ادراجها ضمن الاستعمالات اليومية، مشيرا الى ان واحة فركلى احدى واحات تافيلالت تزخر بانواع مهمة من النباتات ذات الاستعمالات الطبية الواسعة وكذا بأسماء اشتهرت بالتدواي بالاعشاب امثال الحسين بغي وعلي اشيبان ومحمد سملالي واحماد اوباسو.
فقد كانت المراحل الأولى لاهتمامي بالميدان، يقول سملالي، من خلال الجلوس الدائم و خاصة في العطل مع والدي الذي راكم تجربة مهمة في هذا المجال ثم بعد ذلك " التطفل "على كتبه الأب والنبش فيما كتبه كبار علماء الطب و خاصة كتاب "تذكرة أولي الألباب" لمؤلفه داوود بن عمر الانطاكي.
وأبرز سملالي ، في حديث لوكالة المغرب العربي للانباء، ان مؤلف " النفيس في نباتات فركلى واستعمالاتها الطبية" يتضمن جردا للاعشاب الطبية بالمنطقة مع ذكر لاسمائها بالعربية والامازيغية وحتى اسمائها العلمية رصدها الى جانب اعلام الطب التقليدي بالمنطقة في مؤلفه الذي حاول فيه نقل هذه المعرفة الى "ابناء الواحة بعد دراستها وتمحيصها والنظر فيما قاله كبار علماء الطب والمتخصصون.." ، فمن النباتات العلاجية التي تداوي الجروح ومرض السكري الى تلك التي تسكن آلام الروماتيزم والجهاز الهضمي وغيرها من الامراض.
وقد ساعدت فترة الدراسة الجامعية في مجال البيولوجيا سملالي في تطعيم معرفته وتوسيع مداركه بهذا الجانب وذلك بعد التخرج من مدرسة خاصة للمسح ألخرائطي والطبوغرافي الشيء الذي ساهم في التعرف على العديد من الأنواع النباتية الأخرى من خلال التجوال في مختلف مناطق المغرب .
و في هذا الاطار أكد سملالي، الذي يشتغل على اعداد "معجم العطار" و"العمود في أخبار سيدي علي اويوسف"، أن دور النباتات الطبية في العلاج في الوقت الراهن أصبح أمرا مهما ولا يمكن التغاضي عنه نظرا إلى الانعكاسات السلبية لبعض الأدوية الصناعية، بل" أصبحت الحاجة الان ملحة بالعودة الى التداوي بالنباتات الطبية بالرغم من هذا الميدان لا يزال يلفه الغموض و تكتنفه مجموعة من الصعوبات المرتبطة أساسا بالمعايير العلمية و القانونية التي تمكن الفرد من الخوض في هذا الغمار".
واشار الى ان دور النباتات لا يقتصر فقط في كونها مواد علاجية بل هي مكملات غذائية لا يخلو بيت مغربي منها و فقط يكفي دخول المطبخ لرؤية صيدلية طبيعية ( االبقدونس، الثوم، البصل، الكركم، اليانسون، البسباس، القرفةـ الزنجبيل..)
وتتميز النباتات الطبية في غالبيتها على احتوائها على أكثر من مادة فعالة و طبيعية و بالتالي معالجتها لأكثر من مرض واحد فمثلا الثوم يحتوي على زيوت عطرية مضادة للالتهابات وبخاصة الليسين، وخمائر تساعد على الهضم ، و مواد كبريتية تفيد في معالجة ارتفاع التوتر الشرياني و الكولسترول و الشحوم الثلاثية إضافة الى عدة فيتامينات .
واكد سملالي ان "علاج أي مرض لا يكون ناجحا إلا إذا كان التشخيص صحيحا لكونه يكتسي أهمية قصوى في مرحلة اي علاج و تجربتي في هذا الميدان أثبتت أن العديد من المرضى يقصدون مباشرة العشابين دون المرور عبر الوسائل الحديثة التي سهلت عملية التشخيص".
وخلص سملالي الى إن الطب التقليدي بمختلف تسمياته الشعبي أو البديل أو الأصيل يشكل مهنة مكملة للطب العصري مشيرا الى ان ان غياب قانون تنظيمي لممارسة مهنة العطارة والأعشاب وتجارتها جعل هذا الميدان يعج بالدخلاء ممن افقد المهنة الشريفة قداستها.
وفي هذا الاطار قال الفاعل الجمعوي والباحث في التراث المحلي عمر حمداوي، ان "نظرة سريعة في اسواق المنطقة يدرك بسهولة سر كثرة العشابين الذين الذين يحركون في المتسوقين فضول الإنضمام إلى حلقاتهم ويقف على حقيقة فوائد الأعشاب ودورها الفعال في علاج مجموعة من الأمراض، لكن الملفت في هذه الظاهرة ، يؤكد حمداوي، هو "تعاطي من لا يتوفرون على خبرة لهذه الحرفة العريقة الشريفة التي لا تحتاج إلى حلف اليمين والإفتراء والقول المعسول المنظوم والقصص المزيف... بقدر ما تحتاج إلى مؤهلات تكتسب مع مرور الزمن" .
وخلص الفاعل الجمعوي الى أنه رغم محاولة بعض الغيورين تقنين القطاع من خلال خلق جمعيات تساهم في تنظيمه كجمعية اتحاد العشابين بالمغرب والنقابة الوطنية للعشابين والباحثين في النباتات الطبية والزيوت بالمغرب فإن ذلك لم يزد المتحايلين على القطاع إلا انتشارا في الأسواق والقصور.

المصدر: و. م .ع