محمد السلمي - الرشيدية / جديد انفو

من رحم مدينة سيمتها الأبرز التهميش والإقصاء خرجت إلى حيز الوجود مجموعة غنائية اختارت من بين كل الألوان الغنائية اللون الغيواني.

مجموعة دراويش الغيوان بمدينة سجلماسة أخذت على عاتقها حمل مشعل الظاهرة الغيوانية التي وجد فيها ملايين المستمعين أنفسهم، كلمات أغاني الغيوان وإيقاعاتها، لا تكاد تجد مغربيا لا يحفظ كلمات أغان مثل "فين غادي بيا  خويا"و" ياجمال شد جمالك"و"مهمومة" و"صبرا وشاتيلا" و"سبحان الله" و"ضايعين'' وغيرها من الأغاني الخالدة التي وشمت ذاكرة المجتمع المغربي.

الدروايش الاسم الذي اختارته المجموعة لنفسها لم يكن اعتباطيا اذ انه يعتبر الاسم الأول الذي أطلقته مجموعة ناس الغيوان على نفسها في بداياتها ''سنة 1972 لحظة الميلاد الرسمي للمجموعة, رغم أن وجودها الفعلي و الحقيقي يرجع لسنتين قبل هذا التاريخ, حين تسللت ناس الغيوان إلى العالم الثقافي في هيأة "أخويـة" ذات أهداف روحانية/زاوية. ومن هنا كانت ازدواجية التسمية التي تقدّمت بها إلى المتلقّي: "الدراويش الجدد/ناس الغيوان",في إحالة على البعد الصوفي للمشروع الفني للمجموعة,وانصهارا وجدانيا وفكريا في بوثقة الهيكل العام للزوايا, دون أن تتوقف عند ما هو ديني روحي محض, بل تتجاوزه للدخول في صراع مع النموذج الرسمي السائد. فكانت هذه اللحظة واحدة من فعلات الزمن,مكنت المغرب الأقصى من طريقة صوفية جديدة,وغير مسبوقة, لها مقدم وشيوخ وأتباع ومريدون...هي الزاويـــة الغيوانيـــــــة. الزاوية التي استطاعت أن تمنح جمالية لطقوس لم تكن معهودة إلا في المواسم و ليالي الحضرة والجذبة، لذلك لم يكن مستغربا أن تلاقي المجموعة ذلك التجاوب الحار من طرف الجماهير التي ما لبثت أن انخرطت في صراخ وحركات طقوسية لا إرادية كانت تتحول معها خشبات العروض لضريح أو مزار تجتاحه الجموع طلبا للبركة وبحثا عن العلاج و التطهير الروحي ,في تحرير للجسد من مثالية الأنا و الرقابة الاجتماعية التي تفرض على الممارسات الفنية والجسدية وصاية تصل حدّ التحريم'' كما يقول الأستاذ محمد فكرواي في مقال له بعنوان ''ناس الغيوان زاوية الدراويش الجدد''.

حب الظاهرة الغيوانية والشغف بكلماتها الموزونة والملتزمة ألهب حماسة الشباب المكونين للمجموعة من اجل استمرار هذه الظاهرة التي شكلت وماتزال صوتا لكل المطهدين والمحرومين، فالبرعم من ضعف الإمكانيات وغياب معاهد ومدارس موسيقية إلا أن مجموعة دراويش الغيوان تحاول جاهدة الحفاظ على هذا الموروث الفني الأصيل.

مجموعة دراويش الغيوان رأت النور سنة 2011 علي يد شباب متمرس ومولوع بالظاهرة الغيوانية،  ويؤكد ''ادريس التغلاوي'' احد المتتبعين لنشاط المجموعة ''أنها بدأت تسحر بقدرتها العجيبة على تقليد وغناء "ريبيرتوار" مجموعة ناس الغيوان بشكل يضع المستمع في حيرة التفريق بين هذه المجموعة ومجموعة ناس الغيوان من حيث الأداء''

 والجدير بالذكر أن المجموعة بدأت أنشطتها الفعلية شهر مارس 2012 بين أحضان الطلاب ضمن فعاليات الأمسية الختامية للأسبوع الثقافية الخامس عشر لمنظمة التجديد الطلابي بالكلية متعددة التخصصات بالراشيدية، وفي شهر ماي 2012 أحيت المجموعة حفلا تكريميا أقامته ثانوية لالة سلمى بالريصاني على شرف مديرها السابق عبد الرزاق عزاوي (النائب الحالي لوزارة التربية الوطنية بالراشيدية) وذالك بالقاعة الكبرى لبلدية مولاي علي الشريف، كما أحيت المجموعة كذالك أمسية رمضانية شهر غشت 2013 بمدينة أرفود، بعدها سيأتي أهم نشاط فعلي للمجموعة وذالك ضمن فعاليات مهرجان المعرض الدولي للثمور بأرفود سنة 2013 الذي لقى استحسان الجمهور الذي حضر آنذاك. بالإضافة الى حضورها المتميز ضمن فعاليات المهرجان الجهوي الأول للكتاب الذي نظمه مركز طارق بن زياد سنة 2014 .

وكان للنشاط القوي للمجموعة بالإقليم الدافع القوي لتأسيس جمعية أسمتها " جمعية الدراويش لإحياء الثرات الغيواني"، ما أعطى للمجموعة سند وإطار قانوني يمكنها من توسيع أنشطتها داخل المجتمع.